وَرِوَايَة أَبِي طَالِبٍ يُكْرَه وَيَسْقُطُ وُجُوبُ الرَّفْع بِخَوْفِهِ أَنْ لَا يُقِيمهُ عَلَى الْوَجْه الْمَأْمُور عَلَى نَصّ أَحْمَدَ، وَظَاهِره أَيْضًا لَا يَجُوز لِعِلْمِهِ عَادَةً أَنَّهُ لَا يُقِيمهُ عَلَى الْوَجْه الْمَأْمُور، فَظَاهِر كَلَام جَمَاعَة جَوَازه، وَأَطْلَق بَعْضهمْ رَفْعُهُ إلَى وَلِيِّ الْأَمْر بِلَا تَفْصِيل وَاَللَّه أَعْلَم، لَكِنْ قَدْ قَالَ الْأَصْحَاب مَنْ عِنْده شَهَادَةٌ بِحَدٍّ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُقِيمهَا.
وَلَعَلَّ كَلَام الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي الْأَمْر بِرَفْعِهِ عَلَى الِاسْتِحْبَاب وَعَلَى كُلّ تَقْدِير فَهُوَ مُخَالِف لِكَلَامِ الْأَصْحَاب إلَّا أَنْ يَتَأَوَّل عَلَى جَوَاز الرَّفْع وَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ مِنْ هَذَا الْكَلَام، وَلَعَلَّهُ أَمْرٌ بَعْد حَظْر فَيَكُون لِلْإِبَاحَةِ، فَيَكُون رَفْعُهُ لِأَجْلِ الْحَدّ مُبَاح وَرَفْعُهُ لِأَجْلِ إنْكَار الْمُنْكَر وَاجِب أَوْ مُسْتَحَبّ وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَمَ.
وَلَهُ كَسْرُ آلَةِ اللَّهْو وَصُوَر الْخَيَال وَدُفِّ الصُّنُوج وَشَقُّ وِعَاء الْخَمْر وَكَسْرُ دَنِّهِ إنْ تَعَذَّرَ الْإِنْكَار بِدُونِهِ، وَقِيلَ مُطْلَقًا، كَذَا فِي الرِّعَايَةِ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ فِي زِقّ الْخَمْر: يَحُلُّهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِر عَلَى حَلِّهِ يَشُقّهُ. وَظَاهِره أَنَّهُ لَا يَجُوز كَسْرُهُ عَلَى إرَاقَته قَالَهُ الْقَاضِي وَهَذِهِ اخْتِيَاره وَنَقَلَ الْمَرْوَزِيُّ فِي الرَّجُل يَرَى مُسْكِرًا فِي قِنِّينَةٍ أَوْ قِرْبَة: يَكْسِرهُ، وَظَاهِره جَوَاز الْكَسْر.
وَأَصَحّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ إبَاحَة إتْلَاف وِعَاء الْخَمْر وَعَدَم ضَمَانه مُطْلَقًا وَذَكَرَهُ جَمَاعَة وَعَلَى هَذَا لَا ضَمَان وَعَلَى الرِّوَايَة الْأُخْرَى يَضْمَن إنْ لَمْ يَتَعَذَّر. وَذَكَرَ صَاحِبُ النَّظْمِ: إنَّمَا يَضْمَن إذَا مَا يَطْهُر بِغَسْلِهِ فَقَطْ كَذَا قَالَ، وَيُقْبَل قَوْل الْمُنْكِر فِي التَّعَذُّر لِتَيَقُّنِ الْمُنْكَر وَالشَّكّ فِي مُوجِب التَّضْمِين.
وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَال إنْ كَانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ وَظَاهِرُ حَالٍ عُمِلَ بِهَا، وَإِلَّا اُحْتُمِلَ مَا قَالَ وَاحْتُمِلَ الضَّمَانُ لِلشَّكِّ فِي وُجُود السَّبَب الْمُسْقِط لِلضَّمَانِ وَالْأَصْل عَدَمه قَالَ الْمَرُّوذِيِّ: وَسَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قُلْت أَمُرُّ فِي السُّوق فَأَرَى الطُّبُول تُبَاع أَكْسِرُهَا؟ قَالَ: مَا أَرَاك تَقْوَى إنْ قَوِيت يَا أَبَا بَكْرٍ قُلْت: أُدْعَى أُغَسِّل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute