للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ سَلَفِنَا مِنْ أَهْل الْعِلْم أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَ الْكَلَامَ وَالْخَوْضَ مَعَ أَهْل الزَّيْغ وَإِنَّمَا الْأَمْر فِي التَّسْلِيم وَالِانْتِهَاء إلَى مَا فِي كِتَابِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةِ رَسُوله لَا تَعَدَّى ذَلِكَ.

وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ عَنْ أَبِي الدَّهْمَاءِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ؛ مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسَبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَمَا يَزَالُ بِهِ بِمَا مَعَهُ مِنْ الشُّبَهِ حَتَّى يَتْبَعَهُ» إسْنَادٌ جَيِّدٌ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيث حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ. وَقَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُول: مَا نَاظَرْتُ أَهْلَ الْكَلَام إلَّا مَرَّةً وَأَنَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذَلِكَ.

وَقَالَ الرَّبِيعُ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُول: لَأَنْ يَبْتَلِيَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعَبْدَ بِكُلِّ ذَنْبٍ مَا خَلَا الشِّرْكَ بِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ الْأَهْوَاءِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْهُ لَوْ عَلِمَ النَّاسُ مَا فِي الْأَهْوَاءِ مِنْ الْكَلَامِ لَفَرُّوا مِنْهُ كَمَا يَفِرُّونَ مِنْ الْأَسَدِ.

وَقَالَ أَيْضًا مَا أَحَدٌ ارْتَدَى بِالْكَلَامِ فَأَفْلَحَ، وَسَأَلَهُ الْمُزَنِيّ عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنْ عِلْمِ الْكَلَام فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ أَنْتَ؟ فَقَالَ: فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ فِي الْفُسْطَاطِ، فَقَالَ لِي: أَنْتَ فِي تَارَانَ. وَتَارَانُ مَوْضِعٌ فِي بَحْرِ الْقُلْزُمِ لَا تَكَاد تَسْلَم مِنْهُ سَفِينَة ثُمَّ أَلْقَى عَلَيَّ مَسْأَلَةً فِي الْفِقْهِ فَأَجَبْت فِيهَا فَأَدْخَلَ عَلَيَّ شَيْئًا أَفْسَدَ جَوَابِي، فَأَجَبْت بِغَيْرِ ذَلِكَ فَأَدْخَلَ شَيْئًا أَفْسَدَ جَوَابِي فَجَعَلَ كُلَّمَا جِئْتُ بِشَيْءٍ، أَفْسَدَهُ، ثُمَّ قَالَ لِي: هَذَا الْفِقْه الَّذِي فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّة وَأَقَاوِيلُ النَّاسِ يَدْخُلهُ مِثْل هَذَا فَكَيْفَ الْكَلَامُ فِي رَبِّ الْعَالَمِينَ الَّذِي الْجِدَال فِيهِ كُفْرٌ؟ فَتَرَكْتُ الْكَلَامَ وَأَقْبَلْتُ عَلَى الْفِقْه.

وَقَالَ أَيْضًا: حُكْمِي فِي أَهْلِ الْكَلَامِ أَنْ يُضْرَبُوا بِالْجَرِيدِ وَيُحْمَلُوا عَلَى الْإِبِلِ وَيُطَافَ بِهِمْ فِي الْقَبَائِل وَالْعَشَائِر، وَيُنَادَى عَلَيْهِمْ هَذَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّة وَأَقْبَلَ عَلَى الْكَلَامِ.

وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إمَّا مِنْ عِنْدِهِ أَوْ حِكَايَةً عَنْ الشَّافِعِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>