للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ فِي رِوَايَةِ مُثَنَّى الْأَنْبَارِيِّ، وَقَدْ سَأَلَهُ أَكْثَرَ مَا يُعْرَفُ فِي الْمُجَانَبَةِ فَذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي تَرْكِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَلَامَهَا، وَالسَّلَامَ عَلَيْهَا حِينَ ذُكِرَ مَا ذُكِرَ كَذَا حَكَاهُ، وَلَمْ أَجِدْ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ هَذَا بَلْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا أَنْ تَذْهَبَ إلَى بَيْتِ أَبِيهَا إذَا دَخَلَ عَلَيْهَا يُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ: " كَيْفَ تِيكُمْ؟ " فَفِي هَذَا تَرْكُ اللُّطْفِ فَقَطْ، وَأَمَّا قِصَّةُ كَعْبٍ فَفِيهَا تَرْكُ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ، وَلِهَذَا كَانَ يُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَأَقُولُ: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ؟ وَإِنَّهُ سَلَّمَ عَلَى أَبِي قَتَادَةَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ وَحَمَلَهُ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ شَرَحَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فِي هَجْرِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْمَعَاصِي بِتَرْكِ الْكَلَامِ، وَالسَّلَامِ بِخَوْفِ الْمَعْصِيَةِ.

وَفِي رِوَايَةِ مُثَنَّى الْمَذْكُورَةِ وَاَلَّتِي قَبْلهَا إبَاحَةُ الْهَجْرِ وَتَرْكُ الْكَلَامِ وَالسَّلَامِ بِخَوْفِ الْمَعْصِيَةِ، وَرِوَايَةُ الْمَيْمُونِيِّ تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهِ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ صَرِيحَةٌ فِي النُّشُوزِ عَلَى تَحْرِيمِهِ.

وَأَمَّا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ بَعْدَ قِصَّةِ الْإِفْكِ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُتَّهَمُ بِأُمِّ وَلَدِهِ فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَذْهَبَ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ فَذَهَبَ فَوَجَدَهُ يَغْتَسِلُ فِي رَكِيٍّ وَهِيَ الْبِئْرُ فَرَآهُ مَجْبُوبًا فَتَرَكَهُ» فَلَعَلَّ مَعْنَاهُ: اذْهَبْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ.

وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قِيلَ: لَعَلَّهُ مُسْتَحِقُّ الْقَتْلِ بِغَيْرِ الزِّنَا وَحَرَكَةِ الزِّنَا، وَكَفَّ عَنْهُ عَلِيٌّ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ بِالزِّنَا، وَقَدْ عَلِمَ انْتِفَاءَ الزِّنَا.

قَالَ الْقَاضِي: وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ فِي هِجْرَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ قِصَّةَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِهَجْرِهِ، ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي عَنْ رِوَايَةِ الْآجُرِّيِّ، وَلَمْ أَجِدْ هَذَا فِي قِصَّةِ حَاطِبٍ بَلْ فِيهَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: صَدَقَ وَلَا تَقُولُوا لَهُ إلَّا خَيْرًا فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ فَدَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَالَ: يَا عُمَرُ وَمَا يُدْرِيك لَعَلَّ اللَّهَ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>