للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَعْجَبُ مِنْ هَذَا كَرِيمٌ أَصَابَهُ ... قَضَاءٌ فَأَضْحَى تَحْتَ حُكْمِ لَئِيمِ

وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ مِنْ كَلَامِ أَبِي الدَّرْدَاءِ: مُعَاتَبَةُ الْأَخِ أَهْوَنُ مِنْ فَقْدِهِ، وَمَنْ لَكَ بِأَخِيكَ كُلِّهِ، فَأَعْطِ أَخَاكَ وَهَبْ لَهُ، وَلَا تُطِعْ فِيهِ كَاشِحًا فَتَكُونَ مِثْلَهُ.

وَقَالَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ: مَنْ لَكَ بِأَخِيكَ كُلِّهِ؟ لَا تَسْتَقْصِ عَلَيْهِ فَتَبْقَى بِلَا أَخٍ، وَقَالَ عَمْرٌو: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَعْقَلُ النَّاسِ أَعْذَرُهُمْ لَهُمْ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: قَالَ أَعْرَابِيٌّ: عَاتِبْ مَنْ تَرْجُو رُجُوعَهُ.

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْعِتَابُ الْوَفَاءُ، وَسِلَاحُ الْأَكْفَاءِ، وَحَاصِلُ الْجَفَاءِ، وَقَالَ (الْعَتَّابِيُّ) : ظَاهِرُ الْعِتَابِ خَيْرٌ مِنْ مَكْنُونِ الْحِقْدِ، وَصِرْفَةُ النَّاصِحِ خَيْرٌ مِنْ تَحِيَّةِ الشَّانِي، وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ كَثُرَ حِقْدُهُ قَلَّ عِتَابُهُ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُد: مَنْ لَمْ يُعَاتِبْ عَلَى الزَّلَّةِ، فَلَيْسَ بِحَافِظٍ لِلْخُلَّةِ وَقَالَ أَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ: الْإِكْثَارُ مِنْ الْعِتَابِ دَاعِيَةٌ إلَى الْمَلَالِ، وَسَبَقَ قَرِيبًا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ " الْكَيِّسُ الْعَاقِلُ، هُوَ الْفَطِنُ الْمُتَغَافِلُ " وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ:

أُعَاتِبُ مَنْ يَحْلُو بِقَلْبِي عِتَابُهُ ... وَأَتْرُكُ مَنْ لَا أَشْتَهِي أَنْ أُعَاتِبَهْ

وَلَيْسَ عِتَابُ الْمَرْءِ لِلْمَرْءِ نَافِعًا ... إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْءِ لُبٌّ يُعَاتِبُهْ

وَقَالَ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ:

إنْ كَانَ لَفْظِي كَرِيهًا فَاصْبِرَا فَعَلَى ... كُرْهِ الْعِلَاجِ يُصِحُّ اللَّهُ أَبْدَانَا

لَوْلَا الْعَوَارِضُ مَا طَابَ الشَّبَابُ كَذَا ... لَوْلَا قِصَارَتُنَا لِلثَّوْبِ مَا لَانَا

إنِّي أُعَاتِبُ إخْوَانِي وَهُمْ ثِقَتِي ... طَوْرًا وَقَدْ يُصْقَلُ السَّيْفُ أَحْيَانَا

هِيَ الذُّنُوبُ إذَا مَا كُشِفَتْ دَرَسَتْ ... مِنْ الْقُلُوبِ وَإِلَّا صِرْنَ أَضْغَانَا

وَقَالَ آخَرُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>