للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّنِي أُثْنِي بِمَا أَوْلَيْتَنِي ... لَمْ يُضِعْ حُسْنَ بَلَاءٍ مَنْ شَكَرِ

إنَّنِي وَاَللَّهِ لَا أَكْفُرُكُمْ ... أَبَدًا مَا صَاحَ عُصْفُورُ الشَّجَرْ

وَقَالَ آخَرُ:

فَلَوْ كَانَ يَسْتَغْنِي عَنْ الشُّكْرِ مَاجِدٌ ... لِعِزَّةِ مُلْكٍ أَوْ عُلُوِّ مَكَانِ

لَمَا نَدَبَ اللَّهُ الْعِبَادَ لِشُكْرِهِ ... فَقَالَ اُشْكُرُونِي أَيُّهَا الثَّقَلَانِ

وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: ذِكْرُ النِّعَمِ شُكْرٌ.

وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: مَنْ لَمْ يَشْكُرْ الْجَفْوَةَ لَمْ يَشْكُرْ النِّعْمَةَ، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْهُ فَإِنْ صَحَّ فَفِيهِ نَظَرٌ، قَالَ الشَّاعِرُ:

وَمَا تَخْفَى الصَّنِيعَةُ حَيْثُ كَانَتْ ... وَلَا الشُّكْرُ الصَّحِيحُ مِنْ السَّقِيمِ

وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّمِيمِيُّ: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْعَمَ عَلَى عِبَادِهِ بِقَدْرِ طَاعَتِهِمْ وَكَلَّفَهُمْ مِنْ الشُّكْرِ بِقَدْرِ طَاقَتِهِمْ، فَقَالُوا: كُلُّ شُكْرٍ وَإِنْ قَلَّ: ثَمَنٌ لِكُلِّ نَوَالٍ وَإِنْ جَلَّ.

وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ لِأَشْعَبَ: الطَّمَعُ يَا أَشْعَبُ، أَحْسَنْتُ إلَيْكَ فَلَمْ تَشْكُرْ، فَقَالَ: إنَّ مَعْرُوفَكَ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ مُحْتَسِبٍ إلَى غَيْرِ شَاكِرٍ، وَقَالُوا: لَا تَثِقْ بِشُكْرِ مَنْ تُعْطِيهِ حَتَّى تَمْنَعَهُ.

وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مَا مِنْ شَيْءٍ أَسَرُّ إلَيَّ مِنْ يَدٍ أُتْبِعُهَا أُخْرَى؛ لِأَنَّ مَنْعَ الْأَوَاخِرِ، يَقْطَعُ لِسَانَ شُكْرِ الْأَوَائِلِ. وَذَكَرَ غَيْرُ ابْنِ عَبْد الْبَرِّ قَوْلَ ابْنِ شُبْرُمَةَ: مَا أَعْرَفَنِي بِجَيِّدِ الشِّعْرِ:

أُولَئِكَ قَوْمٌ إنْ بَنَوْا أَحْسَنُوا الْبِنَا ... وَإِنْ عَاهَدُوا أَوْفَوْا وَإِنْ عَقَدُوا شَدُّوا

وَإِنْ كَانَتْ النَّعْمَاءُ فِيهِمْ جَزَوْا بِهَا ... وَإِنْ أَنْعَمُوا لَا كَدَّرُوهَا وَلَا كَدُّوا

وَإِنْ قَالَ مَوْلَاهُمْ عَلَى حَمْلِ حَادِثِ ... مِنْ الْأَمْرِ رُدُّوا فَضْلَ أَحْلَامِكُمْ رَدُّوا

<<  <  ج: ص:  >  >>