للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرَ مُخْلِفٍ وَلَا مُجْحِفٍ. وَلِغَيْرِهِ فَإِنَّ اللَّهَ بِحَمْدِهِ نَزَّهَ الْإِسْلَامَ عَنْ كُلِّ قَبِيحَةٍ، وَأَكْرَمَهُ عَنْ كُلِّ رَذِيلَةٍ وَرَفَعَهُ عَنْ كُلِّ دَنِيئَةٍ، وَشَرَّفَهُ بِكُلِّ فَضِيلَةٍ، وَجَعَلَ سِيمَا أَهْلِهِ الْوَقَارَ وَالسَّكِينَةَ.

وَكَتَبَ آخَرُ قَدْ أَغْنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِكَرَمِكَ عَنْ ذَرِيعَةٍ إلَيْكَ وَمَا تُنَازِعُنِي نَفْسِي إلَى اسْتِعَانَةٍ عَلَيْكَ، إلَّا أَبَى ذَلِكَ حُسْنُ الظَّنِّ بِكَ، وَتَأْمِيلٌ نَحُجُّ لِلرَّغْبَةِ إلَيْكَ دُونَ الشُّفَعَاءِ عِنْدَكَ وَلِغَيْرِهِ حَتَّى إذَا نَزَلَ الْجَمْعَانِ تَبَرَّأَ الشَّيْطَانُ مِنْ حِزْبِهِ، وَأَزْهَقَ اللَّهُ بَاطِلَهُمْ بِحَقِّهِ، وَجَعَلَ الْفَتْحَ وَالظَّفَرَ لِأَوْلَى الْحِزْبَيْنِ بِهِ، وَبِذَلِكَ جَرَتْ سُنَّةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْمَاضِينَ مِنْ خَلْقِهِ، وَبِذَلِكَ وَعَدَ مَنْ تَمَسَّكَ بِأَمْرِهِ وَطَاعَتِهِ، وَلِغَيْرِهِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أُولَى نِعْمَةٍ تُشْكَرُ سَلَامَةٌ شَمَلَتْ، عَزَّ فِيهَا الْحَقُّ فَوَقَعَ مَوَاقِعَهُ، وَذَلَّ الْبَاطِلُ فَقُمِعَ أَشْيَاعُهُ، وَتَقَلَّبَ فِي سِرْبِهَا وَأَمْنِهَا خَاصَّةً وَعَامَّةً، وَانْبَسَطَ فِي تَأْمِيلِ فَضْلِهَا وَعَاقِدَتِهَا رَغْبَةً حَاضِرَةً وَقَاصِيَةً.

وَكَتَبَ آخَرُ: كَتَبْتُ وَأَنَا ذُو صَبَابَةٍ تُوهِي قَوِيَّ الصَّبْرِ إلَى لِقَائِكَ وَاسْتِرَاحَةٍ لَيْسَ إلَّا إلَى طَيِّبِ إخْبَارِكَ مُنْتَهَاهَا. وَكَتَبَ آخَرُ كَتَبْتُ عَنْ سَلَامَةٍ وَوَحْشَةٍ لِفِرَاقِكَ، وَبُعْدِ الْبَلَدِ الَّذِي يَجْمَعُ السَّادَةَ وَالْإِخْوَانَ، وَالْأَهْلَ وَالْجِيرَانَ عَلَى حَسَبِ الْأَمْرِ كَانَ بِمَكَانِي فِيهِ، وَالسُّرُورِ بِهِ، وَلَكِنَّ الْمِقْدَارَ يَجْرِي فَيَنْصَرِفُ مَعَهُ، وَقَعَ ذَلِكَ بِالْهَوَى أَوْ خَالَفَهُ، وَلَئِنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالِي فِي الْوَحْشَةِ أَنْ أُكْثِرَ ذَلِكَ وَأُوَفِّرَهُ لِفِرَاقِكَ وَمَا بَعِدْنَا عَنْهُ مِنْ الْأُنْسِ بِكَ، فَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَهَبَ لَنَا اجْتِمَاعًا عَاجِلًا فِي سَلَامَةٍ مِنْ الْأَبَدَانِ وَالْأَدْيَانِ، وَغِبْطَةٍ مِنْ الْحَالِ، وَغِنًى عَنْ الْمَطَالِبِ بِرَحْمَتِهِ وَلَهُ كِتَابِي، وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَعْلَمُ وَحْشَتِي وَلَا أَوْحَشَكَ اللَّهُ مِنْ نِعْمَةٍ، وَلَا فَرَّقَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ عَافِيَتِهِ وَكَانَ مِمَّا زَادَ فِي الْوَحْشَةِ أَنَّهَا جَاوَزَتْ الْأَمَلَ الْمُتَمَكِّنَ فِي الْأُنْسِ بِقُرْبِ الدَّارِ، وَتَدَانِي الْمَزَارِ، نَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى نِعْمَةٍ، وَنَسْتَدِيمُهُ لَنَا فِيكَ أَجْمَلَ بَلَائِهِ، وَنَسْأَلُهُ أَنْ لَا يُخَلِّينَا وَإِيَّاكَ مِنْ شُكْرِهِ وَمَزِيدِهِ، وَلَوْ كَتَبْتُ فِي كُلِّ يَوْمٍ كِتَابًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>