للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الْخَلَّالُ: أَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ أَبِي مُوسَى قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ إنَّ فُلَانًا يُقْرِئُكَ السَّلَامَ قَالَ سَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَعَلَيْهِ. وَهُوَ مَعْنَى مَا سَبَقَ عِنْدَنَا وَلِهَذَا يَجِبُ رَدُّ السَّلَامِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي ذَرٍّ فُلَانٌ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، فَقَالَ هَدِيَّةٌ حَسَنَةٌ وَمَحْمَلٌ خَفِيفٌ.

قَالَ الشَّافِعِيَّةُ: وَيُسْتَحَبُّ بَعْثُ السَّلَامِ وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ تَبْلِيغُهُ، وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ إذَا تَحَمَّلَهُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، قَالَتْ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا عَائِشُ هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ فَقَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» . زَادَ الْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَةٍ: وَبَرَكَاتُهُ زَادَ أَحْمَدُ: جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا مِنْ صَاحِبٍ وَدَخِيلٍ فَنِعْمَ الصَّاحِبُ وَنِعْمَ الدَّخِيلُ.

فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى مُبَلِّغِ السَّلَامِ وَهُوَ الرَّسُولُ. وَفِيهِ تَرْخِيمُ الْمُنَادَى وَيَجُوزُ فَتْحُ آخِرِهِ وَهُوَ الشِّينُ هُنَا وَضَعَهُ. وَمَعْنَى " يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ " يُسَلِّمُ عَلَيْكِ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَفِيهِ بَعْثُ الْأَجْنَبِيِّ السَّلَامَ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ الصَّالِحَةِ إذَا لَمْ يَخَفْ تَرَتُّبَ مَفْسَدَةٍ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «قَالَ أَتَى جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ خَدِيجَةُ مَعَهَا إنَاءٌ فِيهِ إدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - مِنْ رَبِّهَا، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ " فَاقْرَأْ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي "، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ سِوَى هَذَا وَكَأَنَّهُ اخْتَصَرَ إبْلَاغَهُ لَهَا ذَلِكَ وَرَدَّهَا الْجَوَابَ مَعَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ مَنْ صَرَّحَ بِوُجُوبِ رَدِّ سَلَامِ الْمَلَكِ وَوُجُوبِ الرَّدِّ مِنْهُ، وَلَيْسَ رَدُّ سَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى كَرَدِّ سَلَامِ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. وَلِهَذَا لَمَّا كَانُوا يَقُولُونَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الْأَمْرِ بِالتَّشَهُّدِ: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ عِبَادِهِ، السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ، السَّلَامُ عَلَى مِيكَائِيلَ، السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ، فَلَمَّا سَمِعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَقُولُوا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ وَلَكِنْ قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ» الْحَدِيثُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ

<<  <  ج: ص:  >  >>