للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: رَأَيْت أَبِي إذَا جَاءَ الشَّيْخُ وَالْحَدَثُ مِنْ قُرَيْشٍ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَشْرَافِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ حَتَّى يُخْرِجَهُمْ فَيَكُونُوا هُمْ يَتَقَدَّمُونَهُ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ: رَأَيْته جَاءَ إلَيْهِ مَوْلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ فَأَلْقَى لَهُ مِخَدَّةً وَأَكْرَمَهُ وَكَانَ إذَا دَخَلَ عَلَيْهِ مَنْ يُكْرَمُ عَلَيْهِ يَأْخُذُ الْمِخَدَّةَ مِنْ تَحْتِهِ فَيُلْقِيهَا لَهُ. قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ إعْظَامًا لِإِخْوَانِهِ وَمَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْهُ، لَقَدْ جَاءَهُ أَبُو هَمَّامٍ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ فَأَخَذَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بِالرِّكَابِ وَرَأَيْته فَعَلَ هَذَا بِمَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْ الشُّيُوخِ.

وَقَالَ أَبُو دَاوُد (بَابٌ فِي تَنْزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُمْ) ثَنَا يَحْيَى بْنُ إسْمَاعِيلَ وَأُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَمَانٍ أَخْبَرَهُمْ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ «أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَرَّ بِهَا سَائِلٌ فَأَعْطَتْهُ كِسْرَةً وَمَرَّ عَلَيْهَا رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابٌ وَهَيْئَةٌ فَأَقْعَدَتْهُ فَأَكَلَ فَقِيلَ لَهَا فِي ذَلِكَ فَقَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ» قَالَ أَبُو دَاوُد: مَيْمُونٌ لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ وَحَدِيثُ يَحْيَى مُخْتَصَرٌ.

وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَيَحْيَى بْنُ يَمَانٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ الْخَبَرَ الصَّحِيحَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ شَرَفَ كَبِيرِنَا» قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي الْخِلَافِ فِي قَوْلِهِ: «مَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا» قَالَ: الْمُرَادُ بِهِ لَيْسَ مِنْ خِيَارِنَا كَمَا قَالَ: «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَلَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا فَلَيْسَ مِنَّا» كَذَا قَالَ، وَسَبَقَ قَوْلُهُ «لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي» .

وَكَلَامُ ابْنِ حَزْمٍ وَسَبَقَ فِي صِحَّةِ تَوْبَةِ غَيْرِ الْعَاصِي كَلَامَ ابْنِ عَقِيلٍ يُوَافِقُ مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَفِيهِ اعْتِرَافٌ بِأَنَّ مُقْتَضَاهَا التَّحْرِيمُ وَكَذَا ذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّ مُقْتَضَى هَذِهِ الصِّيغَةِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّارِعِ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَيْسَ مِنَّا مَنْ قَالَ أَوْ فَعَلَ كَذَا» مُقْتَضَاهُ التَّحْرِيمُ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ كَبِيرَةً وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْخُرُوجَ عَنْ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ دَعْوَى تَفْتَقِرُ إلَى دَلِيلٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَقَوْلُهُ «يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>