السَّبْقِ وَالرَّمْيِ: اتَّفَقُوا أَنَّ حِفْظَ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَاجِبٌ وَلَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى مَا هِيَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَلَا كَمِّيَّتِهِ بِمَا يُمْكِنُ ضَبْطُ إجْمَاعٍ فِيهِ إلَّا أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مَنْ حَفِظَ أُمَّ الْقُرْآنِ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَسُورَةً أُخْرَى مَعَهَا فَقَدْ أَدَّى فَرْضَ الْحِفْظِ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ.
وَاتَّفَقُوا عَلَى اسْتِحْبَابِ حِفْظِ جَمِيعِهِ وَأَنَّ ضَبْطَ جَمِيعِهِ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ لَا مُتَعَيِّنٌ.
وَرَوَى الْخَلَّالُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ حَفِظَ الْقُرْآنَ وَهُوَ يَكْتُبُ الْحَدِيثَ يَخْتَلِفُ إلَى مَسْجِدٍ يَقْرَأُ وَيُقْرِئُ وَيَفُوتُهُ الْحَدِيثُ أَنْ يَطْلُبَهُ فَإِنْ طَلَبَ الْحَدِيثَ فَاتَهُ الْمَسْجِدُ وَإِنْ قَصَدَ الْمَسْجِدَ فَاتَهُ الْحَدِيثُ فَمَا تَأْمُرهُ قَالَ: بِذَا وَبِذَا فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ الْقَوْلَ مِرَارًا كُلُّ ذَلِكَ يُجِيبُنِي جَوَابًا وَاحِدًا بِذَا وَبِذَا.
وَسَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي أَيِّ شَيْءٍ أَجْعَلُ فَضْلَ يَوْمِي فِي تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ أَوْ فِي تَعَلُّمِ الْعِلْمِ؟ فَقَالَ هَلْ تُحْسِنُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا تَقُومُ بِهِ صَلَاتُك: قَالَ نَعَمْ قَالَ: عَلَيْك بِالْعِلْمِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ وَقِيلَ لَهُ طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ قَالَ نَعَمْ لِأَمْرِ دِينِك وَمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ أَنْ يَنْبَغِيَ أَنْ تَعْلَمَهُ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ: يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْعِلْمِ مَا يَقُومُ بِهِ دِينُهُ وَلَا يُفَرِّطُ فِي ذَلِكَ قُلْتُ: فَكُلُّ الْعِلْمِ يَقُومُ بِهِ دِينُهُ قَالَ: الْفَرْضُ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ طَلَبِهِ.
قُلْت: مِثْلُ أَيِّ شَيْءٍ قَالَ الَّذِي لَا يَسَعُهُ جَهْلُهُ صَلَاتُهُ وَصِيَامُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ سَأَلْتُ أَبِي عَنْ الرَّجُلِ يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُ الْعِلْمِ قَالَ أَمَّا مَا يُقِيمُ بِهِ دِينَهُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَذَكَرَ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ فَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّمَ ذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ مَنْصُور لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ تَذَاكَرَ بَعْضِ لَيْلَةٍ أَحَبُّ إلَيْك مِنْ إحْيَائِهَا قَالَ: الْعِلْمُ الَّذِي يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ فِي أَمْرِ دِينِهِمْ قُلْت الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالْحَجُّ وَالطَّلَاقُ وَنَحْوُ هَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ: قَالَ لِي إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ: «طَلَبُ الْعِلْمِ وَاجِبٌ» لَمْ يَصِحَّ الْخَبَرُ فِيهِ إلَّا أَنَّ مَعْنَاهُ قَائِمٌ يَلْزَمُهُ طَلَبُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ وُضُوئِهِ وَصَلَاتِهِ وَزَكَاتِهِ إذَا وَقَعَتْ فَلَا حَاجَةَ لِلْوَالِدَيْنِ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا مَنْ خَرَجَ يَبْتَغِي عِلْمًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute