بَلَغَنِي أَنَّ الْعُلَمَاءَ فِيمَا مَضَى كَانُوا إذَا تَعَلَّمُوا عَمِلُوا. وَإِذَا عَمِلُوا، شُغِلُوا، وَإِذَا شُغِلُوا فُقِدُوا، وَإِذَا فُقِدُوا طُلِبُوا. وَإِذَا طُلِبُوا هَرَبُوا وَقَالَ عُمَرُ: تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَتَعَلَّمُوا لِلْعِلْمِ السَّكِينَةَ وَالْحِلْمَ وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ يُعْلِمُكُمْ وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تُعَلِّمُونَ وَلَا تَكُونُوا مِنْ جَبَّارِي الْعُلَمَاءِ فَلَا يَقُومُ عَمَلُكُمْ مَعَ جَهْلِكُمْ.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: تَغْفُلُونَ عَنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَةِ. التَّوَاضُعِ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: اتَّقُوا الْفَاجِرَ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَالْجَاهِلَ مِنْ الْمُتَعَبِّدِينَ، فَإِنَّهُ آفَةُ كُلِّ مَفْتُونٍ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الْعَالِمِ الْفَاجِرِ، وَالْعَابِدِ الْجَاهِلِ فَإِنَّ فِتْنَتَهُمَا فِتْنَةٌ لِكُلِّ مَفْتُونٍ. ذَكَرَ ذَلِكَ الْبَيْهَقِيُّ.
وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَالِمَ الْمُتَوَاضِعَ وَيُبْغِضُ الْعَالِمَ الْجَبَّارَ. وَيَأْتِي الْخَبَرُ فِي فُصُولِ كَسْبِ الْمَالِ فِي الْأَئِمَّةِ الْمُضِلِّينَ.
وَعَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا «إنِّي أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي زَلَّةَ الْعَالِمِ، وَمِنْ حُكْمٍ جَائِرٍ، وَهُوًى مُتَّبَعٍ» .
وَفِي لَفْظٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ «اتَّقُوا زَلَّةَ الْعَالِمِ وَانْتَظِرُوا فَيْئَتَهُ» كَثِيرٌ كَذَّابٌ مَتْرُوكٌ، وَهَذَا مَذْكُورٌ فِي تَرْجَمَتِهِ، وَقَدْ صَحَّحَ لَهُ التِّرْمِذِيُّ وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا إنَّ «أَشَدَّ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي ثَلَاثٌ: زَلَّةُ عَالِمٍ، وَجِدَالُ مُنَافِقٍ بِالْقُرْآنِ، وَدُنْيَا تَقْطَعُ أَعْنَاقَكُمْ، فَاتَّهِمُوهَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ» يَزِيدُ ضَعِيفٌ وَلَمْ يُتْرَكْ وَقَالَ دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُفْسِدُ النَّاسَ ثَلَاثَةٌ: أَئِمَّةٌ مُضِلُّونَ، وَجِدَالُ مُنَافِقٍ بِالْقُرْآنِ وَالْقُرْآنُ حَقٌّ، وَزَلَّةُ الْعَالِمِ.
وَقَدْ قَالَ مَنْصُورٌ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنِّي لَآمُرُكُمْ بِالْأَمْرِ وَمَا أَفْعَلُهُ وَلَكِنْ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَأْجُرَنِي فِيهِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحَبَّاتِ أَوْ أَنَّهُ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ التَّوَاضُعِ وَقَالَ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ ثَنَا الصَّعْقُ بْنُ حَزَنٍ عَنْ عَقِيلٍ الْجَعْدِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَدْرِي أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: فَإِنَّ أَعْلَمَ النَّاسِ أَعْلَمُهُمْ بِالْحَقِّ إذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ وَإِنْ كَانَ مُقَصِّرًا فِي الْعَمَلِ وَإِنْ كَانَ يَزْحَفُ عَلَى اسْتِهِ» . قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute