للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي النَّاسِ إلَّا سَقَطَ وَذَهَبَ حَدِيثُهُ قَدْ كَانَ بِالْبَصْرَةِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْأَفْطَسُ كَانَ يَرْوِي عَنْ الْأَعْمَشِ وَالنَّاسِ، وَكَانَتْ لَهُ مَجَالِسُ وَكَانَ صَحِيحَ الْحَدِيثِ، إلَّا أَنَّهُ كَانَ لَا يَسْلَمُ عَلَى لِسَانِهِ أَحَدٌ فَذَهَبَ حَدِيثُهُ وَذِكْرُهُ.

وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَذَكَرَ الْأَفْطَسَ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: إنَّمَا سَقَطَ بِلِسَانِهِ فَلَيْسَ نَسْمَعُ أَحَدًا يَذْكُرُهُ.

وَتَكَلَّمَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِي أَبِي بَدْرٍ فَدَعَا عَلَيْهِ قَالَ أَحْمَدُ: فَأُرَاهُ اُسْتُجِيبَ لَهُ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَدَمُ التَّثَبُّتِ وَالْغِيبَةُ بِغَيْرِ حَقٍّ.

وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ الْأَفْطَسُ: كَانَ عِنْدِي صَدُوقًا لَكِنَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ فِي عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانِ، وَذُكِرَ لَهُ يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ فَقَالَ: لَا يَنْتَهِي يُونُسُ حَتَّى يَقُولَ سَمِعْت الْبَرَاءَ.

قَالَ أَبُو زُرْعَةَ فَانْظُرْ كَيْفَ يُرَدُّ أَمْرُهُ، كُلُّ مَنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي هَذَا الشَّأْنِ عَلَى الدِّيَانَةِ فَإِنَّمَا يُعْطِبُ نَفْسَهُ، وَكَانَ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ يَتَكَلَّمُونَ فِي النَّاسِ عَلَى الدِّيَانَةِ فَيَنْفُذُ قَوْلُهُمْ، وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِمْ عَلَى غَيْرِ الدِّيَانَةِ يَرْجِعُ الْأَمْرُ عَلَيْهِ.

قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَذَكَرَ أَبَا قَتَادَةَ الْحَرَّانِيَّ فَقَالَ سَمِعْت ابْنَ نُفَيْلٍ يَقُولُ: قَرَأَ يَعْنِي أَبَا قَتَادَةَ كِتَابَ مِسْعَرٍ فَبَلَغَ: وَشَكَّ أَبُو نُعَيْمٍ، فَقَالَ مَا هَذَا؟ فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَذَكَرَ ابْنُ نُفَيْلٍ يَوْمًا مَاتَ فُلَانٌ سَنَةَ كَذَا لِشُيُوخِهِ فَقِيلَ لَهُ: مَتَى مَاتَ أَبُو قَتَادَةَ؟ فَقَالَ: إنَّمَا نُسْأَلُ عَنْ تَارِيخِ الْعُلَمَاءِ، فَظَنَنْت أَنَّهُ سُلِّطَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ نُفَيْلٍ حَدَّثَ فَقِيلَ لِأَبِي قَتَادَةَ حَدَّثَ ابْنُ نُفَيْلٍ، فَقَالَ ابْنُ أُخْتِ ذَاكَ الصَّبِيِّ يَعْنِي سَعِيدَ بْنَ جَعْفَرٍ: فَجَعَلْت أَعْجَبُ مِنْ اسْتِخْفَافِهِ هَذَا بِهِ ثُمَّ سُلِّطَ عَلَيْهِ تُرَى انْتَهَى كَلَامُهُ،

وَاعْلَمْ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ ضَعِيفٌ مَتْرُوكٌ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَكَذَّبَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَوَّاهُ أَحْمَدُ، وَكَذَا ابْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةٍ وَلَا رِوَايَةَ لَهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَمَاتَ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَتَيْنِ، فَمَنْ هَذِهِ حَالُهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ لَا سِيَّمَا بِغَيْرِ إنْصَافٍ فِيمَنْ عَظَّمَهُ الْأَئِمَّةُ وَأَثْنَوْا

<<  <  ج: ص:  >  >>