إبْرَاهِيمَ بْنِ الْجُنَيْدِ قَالَ حَكِيمٌ لِابْنِهِ: تَعَلَّمْ حُسْنَ الِاسْتِمَاعِ كَمَا تَعْلَمُ حُسْنَ الْكَلَامِ، فَإِنَّ حُسْنَ الِاسْتِمَاعَ إمْهَالُكَ لِلْمُتَكَلِّمِ حَتَّى يُفْضِي إلَيْك بِحَدِيثِهِ، وَالْإِقْبَالُ بِالْوَجْهِ وَالنَّظَرُ، وَتَرْكُ الْمُشَارَكَةِ لَهُ فِي حَدِيثٍ أَنْتَ تَعْرِفُهُ وَأَنْشَدَ:
وَلَا تُشَارِكْ فِي الْحَدِيثِ أَهْلَهُ ... وَإِنْ عَرَفْت فَرْعَهُ وَأَصْلَهُ
وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ قَالَتْ الْحُكَمَاءُ: مِنْ الْأَخْلَاقِ السَّيِّئَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ مُغَالَبَةُ الرَّجُلِ عَلَى كَلَامِهِ، وَالِاعْتِرَاضُ فِيهِ لِقَطْعِ حَدِيثِهِ، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: إيَّاكَ إذَا سُئِلَ غَيْرُك أَنْ تَكُونَ أَنْتَ الْمُجِيبُ كَأَنَّك أَصَبْت غَنِيمَةً أَوْ ظَفِرْت بِعَطِيَّةٍ، فَإِنَّك إنْ فَعَلْت ذَلِكَ أَزْرَيْت بِالْمَسْئُولِ، وَعَنَّفْت السَّائِلَ، وَدَلَلْت السُّفَهَاءَ عَلَى سَفَاهَةِ حِلْمِك وَسُوءِ أَدَبِك، يَا بُنَيَّ لِيَشْتَدَّ حِرْصُك عَلَى الثَّنَاءِ مِنْ الْأَكْفَاءِ، وَالْأَدَبِ النَّافِعِ، وَالْإِخْوَانِ الصَّالِحِينَ قَالَ ابْنُ بَطَّةَ: كُنْت عِنْدَ أَبِي عُمَرَ الزَّاهِدِ فَسُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَبَادَرْت أَنَا فَأَجَبْت السَّائِلَ، فَالْتَفَتَ إلَيَّ فَقَالَ لِي: تَعْرِفُ الْفُضُولِيَّاتِ الْمُنْتَقِبَاتِ يَعْنِي: أَنْتَ فُضُولِيٌّ فَأَخْجَلَنِي. وَذَكَرَ ذَلِكَ أَيْضًا أَبُو جَعْفَرٍ الْعُكْبَرِيُّ فِي الْآدَابِ لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute