وَالتِّرْمِذِيُّ.
وَقَالَ الْبَرَاءُ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْسَنُ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤] .
قِيلَ دِينُ الْإِسْلَامِ. وَقِيلَ أَدَبُ الْقُرْآنِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الطَّبْعُ الْكَرِيمُ فَسُمِّيَ خُلُقًا لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَالْخِلْقَةِ فِي صَاحِبِهِ. فَأَمَّا مَا طُبِعَ عَلَيْهِ فَيُسَمَّى الْخِيمَ فَيَكُونُ الْخِيمُ الطَّبْعُ الْغَرِيزِيُّ وَالْخُلُقُ الطَّبْعُ الْمُتَكَلَّفُ. انْتَهَى كَلَامُهُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْخُلْقُ وَالْخُلُقُ السَّجِيَّةُ وَفُلَانٌ يَتَخَلَّقُ بِغَيْرِ خُلُقِهِ أَيْ يَتَكَلَّفُهُ قَالَ الشَّاعِرُ
يَا أَيُّهَا الْمُتَحَلِّي غَيْرَ شِيمَتِهِ ... إنَّ التَّخَلُّقَ يَأْتِي دُونَهُ الْخُلُقُ
قَالَ وَالْخِيمُ بِالْكَسْرِ السَّجِيَّةُ وَالطَّبِيعَةُ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ فَدَلَّ عَلَى التَّرَادُفِ خِلَافَ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الْخُلُقُ بِضَمِّ اللَّامِ وَسُكُونِهَا الدِّينُ وَالطَّبْعُ وَالسَّجِيَّةُ. وَحَقِيقَتُهُ أَنَّهُ لِصُورَةِ الْإِنْسَانِ الْبَاطِنَةِ وَهِيَ نَفْسُهُ وَأَوْصَافُهَا وَمَعَانِيهَا الْمُخْتَصَّةُ بِهَا بِمَنْزِلَةِ الْخُلُقِ لِصُورَتِهِ الظَّاهِرَةِ وَأَوْصَافِهَا وَمَعَانِيهَا وَلَهَا أَوْصَافٌ حَسَنَةٌ وَقَبِيحَةٌ وَالثَّوَابُ وَالْعِقَابُ يَتَعَلَّقَانِ بِأَوْصَافِ الصُّورَةِ الْبَاطِنَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَتَعَلَّقَانِ بِأَوْصَافِ الصُّورَةِ الظَّاهِرَةِ وَلِهَذَا تَكَرَّرَتْ الْأَحَادِيثُ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ وَذَمِّ سُوءِ الْخُلُقِ.
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنُ» . أَيْ كَانَ مُتَمَسِّكًا بِآدَابِهِ وَأَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ وَمَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَكَارِمِ وَالْمَحَاسِنِ وَالْأَلْطَافِ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ «فِي قِصَّةِ نَوْمِهِمْ عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ لَمَّا لَحِقَهُمْ وَقَدْ عَطِشُوا فَقَالَ لَا هُلْكَ عَلَيْكُمْ بِضَمِّ الْهَاءِ الْهَلَاكُ ثُمَّ قَالَ أَطْلِقُوا إلَيَّ غُمَرِي بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَبِالرَّاءِ وَهُوَ الْقَدَحُ الصَّغِيرُ وَدَعَا بِالْمِيضَأَةِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُبُّ وَأَبُو قَتَادَةَ يَسْقِيهِمْ فَلَمْ يَعْدُ أَنْ رَأَى النَّاسُ مَاءً فِي الْمِيضَأَةِ تَكَابُّوا عَلَيْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْسِنُوا الْمَلَأَ كُلُّكُمْ سَيَرْوَى قَالَ فَفَعَلُوا فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute