للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ عَلَى بُخْلٍ فِيهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنْ الْبُخْلِ؟ بَلْ سَيِّدُكُمْ الْجَعْدُ الْأَبْيَضُ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ» فَقَالَ شَاعِرُهُمْ فِي ذَلِكَ:

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ وَالْحَقُّ قَوْلُهُ ... لِمَنْ قَالَ مِنَّا مَنْ تُسَمُّونَ سَيِّدَا

فَقَالُوا لَهُ الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ عَلَى الَّتِي ... نُبَخِّلُهُ فِيهَا وَإِنْ كَانَ أَسْوَدَا

فَتًى مَا تَخَطَّى خُطْوَةً لِدَنِيَّةٍ ... وَلَا مَدَّ فِي يَوْمٍ إلَى سَوْأَةٍ يَدَا

فَسَوَّدَ عَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ بِجُودِهِ ... وَحُقَّ لِعَمْرٍو بِالنَّدَى أَنْ يُسَوَّدَا

وَقَالَ بَعْضُهُمْ السُّؤْدُدُ بِالْبَخْتِ، كَمْ مِنْ فَقِيرٍ سَادَ وَلَيْسَ لَهُ بَذْلٌ بِالْمَالِ إلَى غَيْرِهِ كَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَغَيْرِهِ سَبَّ الشَّعْبِيَّ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: إنْ كُنْت كَاذِبًا يَغْفِرُ اللَّهُ لَك، وَإِنْ كُنْت صَادِقًا يَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَقَالَ خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ: شَهِدْت عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ وَرَجُلٌ يَشْتِمُهُ فَقَالَ لَهُ: آجَرَك اللَّهُ عَلَى مَا ذَكَرْت مِنْ خَطَأٍ قَالَ: فَمَا حَسَدْت أَحَدًا حَسَدِي عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ عَلَى هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ.

وَقَالَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ: مَا نَازَعَنِي أَحَدٌ إلَّا أَخَذْت فِي أَمْرِهِ بِإِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: إنْ كَانَ فَوْقِي عَرَفْت لَهُ قَدْرَهُ، وَإِنْ كَانَ دُونِي كَرَّمْت نَفْسِي عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ مِثْلِي تَفَضَّلْت عَلَيْهِ.

أَخَذَ هَذَا الْمَعْنَى مَحْمُودُ الْوَرَّاقُ فَقَالَ:

سَأُلْزِمُ نَفْسِي الصَّبْرَ عَنْ كُلِّ مُذْنِبٍ ... وَإِنْ كَثُرَتْ مِنْهُ عَلَيَّ الْجَرَائِمُ

وَمَا النَّاسُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ ... شَرِيفٌ وَمَشْرُوفٌ وَمِثْلٌ مُقَاوِمُ

فَأَمَّا الَّذِي فَوْقِي فَأَعْرِفُ فَضْلَهُ ... وَأَلْزَمُ فِيهِ الْحَقَّ وَالْحَقُّ لَازِمُ

وَأَمَّا الَّذِي دُونِي فَإِنْ قَالَ صُنْت عَنْ ... إجَابَتِهِ عِرْضِي وَإِنْ لَامَ لَائِمُ

وَأَمَّا الَّذِي مِثْلِي فَإِنْ زَلَّ أَوْ هَفَا ... تَفَضَّلْت إنَّ الْفَضْلَ بِالْعِزِّ حَاكِمُ

وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ الْأَبْرَصِ:

إذَا أَنْتَ لَمْ تَعْمَلْ بِرَأْيٍ وَلَمْ تُطِعْ ... أُولِي الرَّأْيِ لَمْ تَرْكَنْ إلَى أَمْرِ مُرْشِدِ

وَلَمْ تَجْتَنِبْ ذَمَّ الْعَشِيرَةِ كُلِّهَا ... وَتَدْفَعُ عَنْهَا بِاللِّسَانِ وَبِالْيَدِ

وَتَحْلُمُ عَنْ جُهَّالِهَا وَتَحُوطُهَا ... وَتَقْمَعُ عَنْهَا نَخْوَةَ الْمُتَهَدِّدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>