للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ صَاحِبُهُ مَحْمُودًا وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَالٌ عَظِيمٌ، بَلْ قَدْ يَكُونُ مَعَ هَذَا زَاهِدًا أَزْهَدُ مِنْ فَقِيرٍ هَلُوعٍ كَمَا قِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ وَذَكَرَ مَا سَبَقَ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ وَذَكَرَ الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا «التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الْأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ» وَعَنْ سُفْيَانَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ يَكُونُ الرَّجُلُ زَاهِدًا وَلَهُ مَالٌ قَالَ نَعَمْ، إنْ اُبْتُلِيَ صَبَرَ، وَإِنْ أُعْطِيَ شَكَرَ. وَقَالَ سُفْيَانُ إذَا بَلَغَك عَنْ رَجُلٍ بِالْمَشْرِقِ أَنَّهُ صَاحِبُ سُنَّةٍ وَبِالْمَغْرِبِ صَاحِبُ سُنَّةٍ فَابْعَثْ إلَيْهِمَا بِالسَّلَامِ وَادْعُ اللَّهَ لَهُمَا فَمَا أَقَلَّ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَذَكَرَ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ فِي كِتَابِ الرِّسَالَةُ إلَى الصُّوفِيَّةِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ الزُّهْدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ تَرْكُ الْحَرَامِ وَهُوَ زُهْدُ الْعَوَامّ (وَالثَّانِي) تَرْكُ الْفُضُولِ مِنْ الْحَلَالِ وَهُوَ زُهْدُ الْخَوَاصِّ (وَالثَّالِثُ) تَرْكُ مَا يُشْغِلُ الْعَبْدَ عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ زُهْدُ الْعَارِفِينَ قَالَ وَسَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ سَمِعْت عَلِيَّ بْنَ عُمَرَ الْحَافِظَ سَمِعْت أَبَا سَهْلِ بْنَ زِيَادٍ يَقُولُ: سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ يَقُولُ: سُئِلَ أَبِي مَا الْفُتُوَّةُ؟ فَقَالَ تَرْكُ مَا تَهْوَى لِمَا تَخْشَى.

وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ قَدْ قُلْت عِشْرِينَ أَلْفَ بَيْتٍ فِي الزُّهْدِ وَوَدِدْت أَنَّ لِي مِنْهَا الْأَبْيَاتَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي لِأَبِي نُوَاسٍ

يَا نُوَاسُ تَوَقَّرْ ... وَتَعَزَّ وَتَصَبَّرْ

إنْ يَكُنْ سَاءَك دَهْرٌ ... فَلَمَا سَرَّك أَكْثَرْ

يَا كَثِيرَ الذَّنْبِ عَفْوُ ال ... لَّهِ مِنْ ذَنْبِك أَكْبَرْ

وَرَأَى بَعْضُ إخْوَانِ أَبِي نُوَاسٍ لَهُ فِي النَّوْمِ بَعْدَ أَيَّامٍ فَقَالَ لَهُ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِك قَالَ: غَفَرَ لِي بِأَبْيَاتٍ قُلْتهَا وَهِيَ الْآنَ تَحْتَ وِسَادَتِي فَنَظَرُوا فَإِذَا بِرُقْعَةٍ تَحْتَ وِسَادَتِهِ فِي بَيْتِهِ مَكْتُوبٍ فِيهَا:

يَا رَبِّ إنْ عَظُمَتْ ذُنُوبِي كَثْرَةً ... فَلَقَدْ عَلِمْت بِأَنَّ عَفْوَك أَعْظَمُ

إنْ كَانَ لَا يَرْجُوك إلَّا مُحْسِنٌ ... فَمَنْ الَّذِي يَدْعُو إلَيْهِ الْمُجْرِمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>