ثنا شُعْبَةُ عَنْ غَالِبٍ التَّمَّارِ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَكْرَهُ الْمُصَافَحَةَ وَذَكَرْت ذَلِكَ لِلشَّعْبِيِّ فَقَالَ كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا الْتَقَوْا صَافَحُوا، فَإِذَا قَدِمُوا مِنْ السَّفَرِ عَانَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إسْنَادٌ جَيِّدٌ.
وَتُكْرَهُ مُصَافَحَةُ الْكَافِرِ وَذَكَرَ أَبُو زَكَرِيَّا النَّوَوِيُّ مُعَانَقَةَ الْقَادِمِ مِنْ السَّفَرِ مُسْتَحَبَّةٌ وَأَنَّ الِانْحِنَاءَ مَكْرُوهٌ وَأَنَّ تَقْبِيلَ يَدِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ مُسْتَحَبٌّ.
وَقَالَ الشَّيْخُ وَجِيهُ الدِّينِ أَبُو الْمَعَالِي فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ تُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ الْقَادِمِ وَمُعَانَقَتُهُ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ قَالَ وَإِكْرَامُ الْعُلَمَاءِ وَأَشْرَافُ الْقَوْمِ بِالْقِيَامِ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ قَالَ وَيُكْرَهُ أَنْ يَطْمَعَ فِي قِيَام النَّاسِ لَهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ النَّاسُ لَهُ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ " صُفُوفًا " كَذَا قَالَ وَسَبَقَ فِي الْقِيَامِ مَا ظَاهِرُهُ أَوْ صَرِيحُهُ التَّحْرِيمُ لِهَذَا الْخَبَرِ قَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ الْمُلُوكُ مِنْ اسْتِدَامَةِ قِيَامِ النَّاسِ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ يُرَاوِحُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ كَمَا تَقِفُ الدَّابَّةُ عَلَى ثَلَاثٍ وَتُرِيحُ وَاحِدَةً قَالَ: فَأَمَّا تَقْبِيلُ يَدِ الْعَالِمِ وَالْكَرِيمِ لِرِفْدِهِ وَالسَّيِّدِ لِسُلْطَانِهِ فَجَائِزٌ، فَأَمَّا إنْ قَبَّلَ يَدَهُ لِغِنَاهُ فَقَدْ رُوِيَ مَنْ تَوَاضَعَ لِغَنِيٍّ لِغِنَاهُ فَقَدْ ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ وَقَالَ التَّحِيَّةُ بِانْحِنَاءِ الظَّهْرِ جَائِزٌ وَقِيلَ هُوَ سُجُودُ الْمَلَائِكَةِ لِآدَمَ، وَقِيلَ السُّجُودُ حَقِيقَةً. وَلَمَّا قَدِمَ ابْنُ عُمَرَ الشَّامَ حَيَّاهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ كَذَلِكَ فَلَمْ يَنْهَهُمْ وَقَالَ هَذَا تَعْظِيمٌ لِلْمُسْلِمِينَ انْتَهَى كَلَامُهُ وَفِي بَعْضِهِ نَظَرٌ.
وَأَمَّا السُّجُودُ إكْرَامًا وَإِعْظَامًا فَلَا يَجُوزُ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ الْمَشْهُورَةُ.
وَأَمَّا تَقْبِيلُ الْأَرْضِ فَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ: يُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ السُّجُودَ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِسُجُودٍ لِأَنَّ السُّجُودَ الشَّرْعِيَّ وَضْعُ الْجَبْهَةِ بِالْأَرْضِ عَلَى طَهَارَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ إلَى جِهَةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَهَذَا إنَّمَا يُصِيبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute