بَعْدَ مَا طَافَتْ يَوْمَ النَّحْرِ فَأَفْتَى بِأَنَّهَا لَا تَرْحَلُ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهَا بِالْبَيْتِ، فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: إنِّي سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَذِنَ لَهَا، فَجَعَلَ عُمَرُ يَضْرِبُهُ بِالدُّرَّةِ. وَيَقُولُ لَهُ: وَيْلُكَ تَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ سَأَلْتَ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .
وَقَدْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْمَدْخَلِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: قَالَ بَعْضُ مَنْ رَدَّ الْأَخْبَارَ: فَهَلْ تَجِدُ حَدِيثًا فِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَا جَاءَكُمْ عَنِّي فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، فَمَا وَافَقَهُ فَأَنَا قُلْتُهُ، وَمَا خَالَفَهُ فَلَمْ أَقُلْهُ» فَقُلْتُ لَهُ: مَا رَوَى هَذَا أَحَدٌ يَثْبُتُ حَدِيثُهُ فِي صَغِيرٍ وَلَا كَبِيرٍ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ مُنْقَطِعَةٍ عَنْ رَجُلٍ مَجْهُولٍ، وَنَحْنُ لَا نَقْبَلُ مِثْلَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي شَيْءٍ، ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّهُ دَعَا الْيَهُودَ فَسَأَلَهُمْ فَحَدَّثُوهُ حَتَّى كَذَبُوا عَلَى عِيسَى فَصَعِدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمِنْبَرَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: إنَّ الْحَدِيثَ سَيَفْشُو عَنِّي، فَمَا أَتَاكُمْ عَنِّي فَوَافَقَ الْقُرْآنَ فَهُوَ عَنِّي، وَمَا أَتَاكُمْ عَنِّي فَخَالَفَ الْقُرْآنَ فَلَيْسَ عَنِّي» . قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسَ يُخَالِفُ الْحَدِيثُ الْقُرْآنَ وَلَكِنَّهُ يُبَيِّنُ مَعْنَى مَا أَرَادَ: خَاصًّا وَعَامًّا، وَنَاسِخًا وَمَنْسُوخًا، ثُمَّ يُلْزِمُ النَّاسَ مَا سُنَّ بِفَرْضِ اللَّهِ، فَمَنْ قَبِلَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَنْ اللَّهِ قَبِلَ، وَاحْتَجَّ بِالْآيَاتِ الْوَارِدَاتِ فِي ذَلِكَ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَكَأَنَّ الشَّافِعِيَّ أَرَادَ بِالْمَجْهُولِ خَالِدَ بْنَ أَبِي كَرِيمَةَ فَلَمْ يُعْرَفْ مِنْ حَالِهِ مَا يَثْبُتُ بِهِ خَبَرُهُ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ كَمَا قَالَ، فَمِنْهَا مَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ حَنْبَلِ بْن إِسْحَاقَ ثنا جُبَارَةُ بْنُ الْمُفْلِسِ ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمِ بْن أَبِي النَّجُودِ عَنْ زَرٍّ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّهَا تَكُونُ بَعْدِي رُوَاةٌ يَرْوُونَ عَنِّي الْحَدِيثَ فَاعْرِضُوا حَدِيثَهُمْ عَلَى الْقُرْآنِ، فَمَا وَافَقَ الْقُرْآنَ فَحَدِّثُوا بِهِ، وَمَا لَمْ يُوَافِقْ الْقُرْآنَ فَلَا تَأْخُذُوا» .
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَالصَّوَابُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زَيْدِ بْن عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ الْعَدْلُ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute