وَالْكَافِرِ، وَقَدْ قَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ «كَانَتْ الْيَهُودُ يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَاءَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: رَحِمَكُمْ اللَّهُ، فَكَانَ يَقُولُ لَهُمْ يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ وَكِيعٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ دَيْلَمٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَحَكِيمٍ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ وَقَالَ أَحْمَدُ: شَيْخٌ صَدُوقٌ وَقَدْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ صَالِحٌ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ تَشْمِيتُ الذِّمِّيِّ ذَكَرَهُ أَبُو حَفْصٍ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ زِيَادَةَ قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَوْ عَطَسَ يَهُودِيٌّ قُلْتُ لَهُ: يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ قُلْتُ: أَيُّ شَيْءٍ يُقَالُ لِلْيَهُودِيِّ؟ كَأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ قَالَ الْقَاضِي: ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَحِبَّ تَشْمِيتَهُ؛ لِأَنَّ التَّشْمِيتَ تَحِيَّةٌ لَهُ فَهُوَ كَالسَّلَامِ وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِالسَّلَامِ كَذَلِكَ التَّشْمِيتُ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتَّ خِصَالٍ إنْ تَرَكَ مِنْهُنَّ شَيْئًا تَرَكَ حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ، إذَا دَعَاهُ أَنْ يُجِيبَهُ وَإِذَا مَرِضَ أَنْ يَعُودَهُ، وَإِذَا مَاتَ أَنْ يَحْضُرَهُ، وَإِذَا لَقِيَهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَهُ أَنْ يَنْصَحَهُ، وَإِذَا عَطَسَ أَنْ يُشَمِّتَهُ أَوْ يُسَمِّتَهُ» فَلَمَّا خَصَّ الْمُسْلِمَ بِذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ بِخِلَافِهِ، وَهُوَ فِي السُّنَنِ إلَّا قَوْلَهُ " حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ "،
وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ» وَذَكَرَهُ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: التَّخْصِيصُ بِالْوُجُوبِ أَوْ الِاسْتِحْبَابِ إنَّمَا يَنْفِي ذَلِكَ فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ كَمَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي النَّصِيحَةِ، وَإِجَابَةِ الدَّعْوَةِ لَا تَنْفِي جَوَازَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْبَابٍ وَلَا كَرَاهَةٍ كَإِجَابَةِ دَعَوْتِهِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَهُوَ ظَاهِرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute