وَكَذَلِكَ الْكَبُّودَ، قَالُوا وَيُكْرَهُ الْخَلُّ بَعْدَ الْأَرُزِّ، وَالرُّمَّانُ بَعْدَ الْهَرِيسِ، وَالْمَاءُ الْحَارُّ بَعْدَ الْأَغْذِيَةِ الْمَالِحَةِ، وَالْمَاءُ الْبَارِدُ عَقِيبَ الْفَاكِهَةِ، أَوْ الْحُلْوِ أَوْ الطَّعَامِ الْحَارِّ، وَلَا يُشْرَبُ بَعْدَ الْأَكْلِ إلَى أَنْ يَخِفَّ أَعَالِي الْبَطْنِ إلَّا بِمِقْدَارِ مَا يَسْكُنُ بِهِ الْعَطَشُ، وَلَا يُشْرَبُ الْمَاءُ الْبَارِدُ دَفْعَةً وَاحِدَةً عَقِيبَ حَمَّامٍ وَلَا فِيهِ وَجِمَاعٍ وَشِوَاءٍ وَحَرَكَةٍ ثَقِيلَةٍ يَتَجَرَّعُهُ قَلِيلًا قَلِيلًا، وَلَا يَشْرَبُ بِاللَّيْلِ إذَا انْتَبَهَ إذَا كَانَ الْعَطَشُ كَاذِبًا، وَلَا عَلَى الرِّيقِ فَإِنَّهُ يَقْرَعُ الْمَعِدَةَ، وَيُبَرِّدُ الْكَبِدَ.
وَكَثْرَةُ أَكْلِ الْبَصَلِ، قَالَ ابْنُ مَاسَوَيْهِ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُورِثُ الْكَلَفَ وَالتُّخَمَةَ مَنْ أَكَلَ الْبَيْضَ تَوَرَّثَ الطِّحَالَ. قَالَ ابْنُ مَاسَوَيْهِ: مَنْ تَمَلَّأَ مِنْ بَيْضٍ مَسْلُوقٍ بَارِدٍ فَأَصَابَهُ رَبْوٌ فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ. قَالَ هُوَ وَغَيْرُهُ: مَنْ نَظَرَ فِي الْمِرْآةِ لَيْلًا فَأَصَابَهُ لَقْوَةٌ أَوْ دَاءٌ فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ.
وَيَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ الطَّبِيعَةَ تَتَحَيَّرُ مِنْ اخْتِلَافِ الْأَلْوَانِ وَتَعْجَزُ عَنْ تَمَامِ هَضْمِهَا، وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ كَمَا لَا يَصِحُّ عَنْهُ أَكْلُ الْأَطْعِمَةِ الْمَالِحَةِ وَالْعَفِنَةِ كَالْكَامِخِ، وَالْمُخَلَّلِ، وَلَا طَعَامًا شَدِيدَ الْحَرَارَةِ، وَلَا طَبِيخًا بَائِتًا يُسَخَّنُ لَهُ بِالْغَدِ، لَكِنَّ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَيْسَ لِضَرَرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، بَلْ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَدَّخِرُ شَيْئًا وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ عَادَةِ طَعَامِ أَهْلِ بَلَدِهِ.
وَقَدْ قَالَ الْأَطِبَّاءُ: إنَّ الْقَابِضَ يُصْلِحُ الدَّسَمَ وَالْحُلْوَ وَيُصْلِحَانِهِ، وَالْحَامِضُ يُصْلِحُ الْمَالِحَ، وَإِنَّ الْحُلْوَ مُعْتَدِلُ الْحَرَارَةِ تَجْتَذِبُهُ الْقُوَى وَتُحِبُّهُ وَيُعَطِّشُ، وَالْمَالِحُ حَارٌّ يَمْنَعُ التَّعَفُّنَ، وَالْحِرِّيفُ قَوِيُّ الْحَرَارَةِ يُلَطِّفُ، وَالْحَامِضُ يُوَلِّدُ الرِّيَاحَ وَيَضُرُّ الْعَصَبَ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِالْعَشَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute