تَوَضَّأَ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَعَلَّ الْحَدِيثَ فِيمَنْ اسْتَيْقَظَ فَلَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ أَمَّا مَنْ لَمْ يَسْتَيْقِظْ فَإِنَّهُ مَعْذُورٌ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ» فَلَا يُنَاسِبُ أَنْ يُصْبِحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ.
فَإِنْ قِيلَ فَفِي مُسْلِمٍ أَوْ فِي الصَّحِيحَيْنِ: «أَنَّ رَجُلًا ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ نَامَ لَيْلَهُ حَتَّى أَصْبَحَ قَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ، أَوْ قَالَ: فِي أُذُنَيْهِ» فَلَمْ يُعْذَرْ بِالنَّوْمِ، قِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِي رَجُلٍ خَاصٍّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ الْعِشَاءِ أَوْ الْفَجْرِ أَوْ هُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ. وَلَمْ أَجِدْ مَنْ ذَكَرَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوهُ حُجَّةً فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ، فَيُقَالُ: لَا عُقُوبَةَ فِي هَذَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَمَكَّنَ مِنْهُ فَثَبَّطَهُ عَنْ فِعْلِ الْمُبْرَزِينَ فِي الْخَيْرَاتِ بِنَوْمِهِ، وَأَمَّا هُنَا فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ لِمَا سَبَقَ مِنْهُ. وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَأَبَا الدَّرْدَاءِ وَأَظُنُّ فِي مُسْلِمٍ وَأَبَا ذَرٍّ فِي النَّسَائِيّ بِالْوَتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ لِغَلَبَةِ النَّوْمِ عَلَيْهِمْ، وَبِصَلَاةِ الضُّحَى بَدَلًا عَمَّا فَاتَهُمْ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ؛ وَلِذَلِكَ لَمْ يَأْمُرْ بِهِمَا سِوَاهُمْ أَوْ مَنْ فِي مَعْنَاهُمْ، وَلَا يُظَنُّ بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ يُصْبِحُ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ هُوَ رَاوِي هَذَا الْحَدِيثِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد فِي بَابِ صَلَاةِ الْعَتَمَةِ مِنْ أَبْوَابِ الْأَدَبِ ثَنَا مُسَدَّدٌ ثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ثَنَا مُسَعَّرُ بْنُ كَدَامٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ قَالَ مُسَعَّرٌ: أَرَاهُ مِنْ خُزَاعَةَ لَيْتَنِي صَلَّيْتُ وَاسْتَرَحْتُ، فَكَأَنَّهُمْ عَابُوا ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «يَا بِلَالُ أَقِمْ الصَّلَاةَ أَرِحْنَا بِهَا» . حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَنْبَأَ إسْرَائِيلُ ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute