وَأَمَّا حُمَاضُهُ فَيَجْلُو الْكَلَفَ وَاللَّوْنَ وَيُذْهِبُ الْقُوبَا طِلَاءً، وَلِهَذَا يُقْلِعُ صَبْغَ الْحِبْرِ طِلَاءً وَيَقْمَعُ الصَّفْرَاءَ وَيُشَهِّي الطَّعَامَ وَيَنْفَعُ الْخَفَقَانَ مِنْ حَرَارَةٍ وَيُطَيِّبُ النَّكْهَةَ مَشْرُوبًا، عَاقِلٌ لِلطَّبِيعَةِ نَافِعٌ مِنْ الْإِسْهَالِ الصَّفْرَاوِيِّ قَاطِعٌ لِلْقَيْءِ الصَّفْرَاوِيِّ وَيُوَافِقُ الْمَحْمُومِينَ، وَيَضُرُّ بِالصَّدْرِ وَالْعَصَبِ وَيُصْلِحُهُ شَرَابُ الْخَشْخَاشِ وَيَنْفَعُ مِنْ الْيَرَقَانِ شُرْبًا وَاكْتِحَالًا وَيُسَكِّنُ غُلْمَةَ النِّسَاءِ وَالْعَطَشِ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْبَلْغَمِيُّ لِأَنَّهُ يُلَطِّفُ وَيَقْطَعُ وَيُبَرِّدُ وَيُطْفِئُ حَرَارَةَ الْكَبِدِ وَيُقَوِّي الْمَعِدَةَ وَيُقَوِّي الْقَلْبَ الْحَارَّ الْمِزَاجِ وَفِيهِ تِرْيَاقِيَّةٌ.
وَأَمَّا بَزْرُهُ فَلَهُ قُوَّةٌ مُحَلِّلَةٌ مُجَفِّفَةٌ مُلَيِّنٌ مُطَيِّبٌ لِلنَّكْهَةِ وَخَاصَّةً لِلنَّفْعِ مِنْ السَّمُومِ الْقَاتِلَةِ وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِلَسْعِ الْعَقَارِبِ إذَا شُرِبَ مِنْهُ وَزْنُ مِثَالَيْنِ بِمَاءٍ فَاتِرٍ أَوْ طِلَاءٍ مَطْبُوخٍ، وَكَذَا إنْ دُقَّ وَوُضِعَ عَلَى مَوْضِعِ اللَّسْعَةِ.
قَالَ الْأَطِبَّاءُ إذَا بُخِّرَتْ شَجَرَتُهُ بِالْكِبْرِيتِ تَنَاثَرَ، قَالُوا وَإِذَا يَبُسَ وَأُحْرِقَ وَسُحِقَ نَاعِمًا وَجُعِلَ فِي خِرْقَةِ كَتَّانٍ وَدُفِعَتْ إلَى امْرَأَةٍ تَشَمُّهَا فَإِنْ أَخَذَهَا الْعُطَاسُ فَهِيَ ثَيِّبٌ وَإِلَّا فَبِكْرٌ.
وَذُكِرَ أَنَّ بَعْضَ الْأَكَاسِرَةِ غَضِبَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ الْأَطِبَّاءِ فَأَمَرَ بِحَبْسِهِمْ وَخَيَّرَهُمْ أُدْمًا لَا مَزِيدَ لَهُمْ عَلَيْهِ، فَاخْتَارُوا الْأُتْرُجَّ فَقِيلَ لَهُمْ لِمَ اخْتَرْتُمُوهُ عَلَى غَيْرِهِ؟ قَالُوا؛ لِأَنَّهُ فِي الْعَاجِلِ رَيْحَانٌ وَنَظَرُهُ مُفَرِّحٌ وَقِشْرُهُ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ وَلَحْمُهُ فَاكِهَةٌ وَحَمْضُهُ أُدْمٌ وَحَبُّهُ تِرْيَاقٌ وَفِيهِ دَهْنٌ وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يُحِبُّ النَّظَرَ إلَيْهِ لِمَا فِي مَنْظَرِهِ مِنْ التَّفْرِيحِ قَالَ ابْنُ جَزْلَةَ وَرَقُ الْأُتْرُجِّ حَارٌّ يَابِسٌ فِيهِ تَحْلِيلِ وَتَجْفِيفٌ وَعُصَارَتُهُ إذَا شُرِبَتْ نَفَعَتْ مِنْ رُطُوبَةِ الْمَعِدَةِ وَبَرْدِهَا وَإِذَا مُضِغَ طَيَّبَ النَّكْهَةَ وَقَطَعَ رَائِحَةَ الثُّومِ وَالْبَصَلِ فَلِهَذِهِ الْمَنَافِعِ الْعَظِيمَةِ الْكَثِيرَةِ حَصَلَ تَشْبِيهُ الْمُؤْمِنِ بِذَلِكَ.
(وَأَمَّا الْحَنْظَلُ) وَهُوَ الْعَلْقَمُ وَهُوَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ طَعْمَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute