{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة: ٥١] أَلَا اتَّخَذْت حَنِيفِيًّا؟ قَالَ قُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِي كِتَابَتُهُ وَلَهُ دِينُهُ قَالَ لَا أُكْرِمُهُمْ إذْ أَهَانَهُمْ اللَّهُ وَلَا أُعِزُّهُمْ إذْ أَذَلَّهُمْ اللَّهُ وَلَا أُدْنِيهِمْ إذْ أَقْصَاهُمْ اللَّهُ انْتَهَى كَلَامُهُ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَعِنْدَهُ " فَانْتَهَرَنِي وَضَرَبَ عَلَى فَخِذِي " وَعِنْدَهُ أَيْضًا " فَقَالَ أَبُو مُوسَى وَاَللَّهِ مَا تَوَلَّيْتُهُ إنَّمَا كَانَ يَكْتُبُ. فَقَالَ عُمَرُ لَهُ أَمَا وَجَدْتَ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ مَنْ يَكْتُبُ؟ لَا تُدْنِهِمْ إذَا أَقْصَاهُمْ اللَّهُ وَلَا تَأْمَنْهُمْ إذَا أَخَانَهُمْ اللَّهُ وَلَا تُعِزَّهُمْ بَعْدِ إذْ أَذَلَّهُمْ اللَّهُ.
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: لَا تَسْتَعْمِلُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ الرِّشَاءَ فِي دِينِهِمْ وَلَا تَحِلُّ الرِّشَاءُ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ ثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ الْعَوَامّ عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لَا تَرْفَعُوهُمْ إذْ وَضَعَهُمْ اللَّهُ وَلَا تُعِزُّوهُمْ إذْ أَذَلَّهُمْ اللَّهُ يَعْنِي أَهْلَ الْكِتَابِ. كُلُّهُمْ أَئِمَّةٌ لَكِنَّ إبْرَاهِيمَ لَمْ يَلْقَ عُمَرَ، وَقَطَعَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ مَنْعُهُمْ مِنْ الْوِلَايَاتِ فِي جَمِيعِ أَرْضِ الْإِسْلَامِ وَقَالَ: أَيْضًا الْوِلَايَةُ إعْزَازٌ وَأَمَانَةٌ وَهُمْ يَسْتَحِقُّونَ لِلذُّلِّ وَالْخِيَانَةِ، وَاَللَّهُ يُغْنِي عَنْهُمْ الْمُسْلِمِينَ، فَمِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِبِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ أَنْ يَجْعَلُوا فِي دَوَاوِينِ الْمُسْلِمِينَ يَهُودِيًّا أَوْ سَامِرِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا.
وَقَالَ أَيْضًا: لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يُوجِبُ مِنْ إعْلَائِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ خِلَافً مَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، «وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ نَهَى أَنْ يُبْدَءُوا بِالسَّلَامِ» «وَأَمَرَ إذَا لَقِيَهُمْ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَضْطَرُّوهُمْ إلَى أَضْيَقِ الطُّرُقِ» .
«وَقَالَ الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ،» وَقَدْ مُنِعُوا مِنْ تَعْلِيَةِ بِنَائِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَكَيْفَ إذَا كَانُوا وُلَاةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يُقْبَضُ مِنْهُمْ وَيُصْرَفُ إلَيْهِمْ وَفِيمَا يُؤْمَرُونَ بِهِ مِنْ الْأُمُورِ الْمَالِيَّةِ وَيُقْبَلُ خَبَرُهُمْ فِي ذَلِكَ فَيَكُونُونَ هُمْ الْآمِرِينَ الشَّاهِدِينَ عَلَيْهِمْ؟
هَذَا مِنْ أَعْظَمِ مَا يَكُونُ مِنْ مُخَالِفَةِ أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَقَدْ قَدِمَ أَبُو مُوسَى عَلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِحِسَابِ الْعِرَاقِ فَقَالَ اُدْعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute