للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَائِفَةٍ تَضَادُّ الْأُخْرَى، وَلَا يُشِيرُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ بِمَا فِيهِ إظْهَارُ شِعَارِهِمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ تَقْوِيَةِ أَيْدِيهِمْ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَّا رَجُلٌ مُنَافِقٌ أَوْ لَهُ غَرَضٌ فَاسِدٌ أَوْ فِي غَايَةِ الْجَهْلِ لَا يَعْرِفُ السِّيَاسَةَ الشَّرْعِيَّةَ الَّتِي تَنْصُرُ سُلْطَانَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَعْدَائِهِ وَأَعْدَاءِ الدِّينِ.

وَلْيَعْتَبِرْ الْمُعْتَبِرُ بِسِيرَةِ نُورِ الدِّينِ وَصَلَاحِ الدِّينِ ثُمَّ الْعَادِلِ كَيْفَ مَكَّنَهُمْ اللَّهُ وَأَيَّدَهُمْ وَفَتَحَ لَهُمْ الْبِلَادَ وَأَذَلَّ لَهُمْ الْأَعْدَاءَ لَمَّا قَامُوا مِنْ ذَلِكَ بِمَا قَامُوا وَلْيَعْتَبِرْ بِسِيرَةِ مَنْ وَالَى النَّصَارَى كَيْفَ أَذَلَّهُ وَكَبَتَهُ إلَى أَنْ قَالَ: وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ «النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مُشْرِكًا لَحِقَهُ لِيُقَاتِلَ مَعَهُ فَقَالَ لَهُ إنِّي لَا أَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ» وَكَمَا أَنَّ اسْتِخْدَامَ الْجُنْدُ الْمُجَاهِدِينَ إنَّمَا يَصْلُحُ إذَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ فَكَذَلِكَ الَّذِينَ يُعَاوِنُونَ الْجُنْدَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ إلَى أَنْ قَالَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} [آل عمران: ١١٨] وَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: ٥١] .

وَذَكَرَ سَبَبَ نُزُولِهَا ثُمَّ قَالَ وَقَدْ عَرَفَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُنَافِقِينَ يُكَاتِبُونَ أَهْلَ دِينِهِمْ بِأَخْبَارِ الْمُسْلِمِينَ وَرُبَّمَا يَطَّلِعُونَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَسْرَارِهِمْ وَعَوْرَاتِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَدْ قِيلَ:

كُلُّ الْعَدَاوَاتِ قَدْ تُرْجَى مَوَدَّتُهَا ... إلَّا عَدَاوَةُ مَنْ عَادَاكَ فِي الدِّينِ

انْتَهَى كَلَامُهُ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «لَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبِيًّا» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ «لَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ» أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>