الْأُتُنِ: لَا تَشْرَبْهُ.
وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَلْبَانِ الْأُتُنِ فَقَالَ «حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لُحُومَهَا وَأَلْبَانَهَا» .
وَقَدْ ذَكَرَ الْأَطِبَّاءُ أَنَّ لَبَنَ الْأُتُنِ قَلِيلُ الدُّسُومَةِ، رَقِيقٌ يَشُدُّ الْأَسْنَانَ وَاللِّثَةَ إذَا تَمَضْمَضَ بِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَلْبَانِ، جَيِّدٌ لِلسُّعَالِ وَالسُّلِّ وَنَفَثَ الدَّمَ إذَا شُرِبَ حَلِيبًا جَبَّنَ يَخْرُجُ مِنْ الضَّرْعِ، وَيَنْفَعُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ الْقَتَّالَةِ وَالزَّحِيرِ وَقُرُوحِ الْأَمْعَاءِ وَهُوَ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِأَصْحَابِ الصُّدَاعِ وَالطَّنِينِ وَالدُّودِ، وَلَحْمُهَا لَمْ أَجِدْ فِيهِ نَفْعًا بَلْ قَالُوا هِيَ أَرْدَأُ مِنْ سَائِرِ اللُّحُومِ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا جَوَازُ الِاكْتِحَالِ بِشَيْءٍ نَجِسٍ وَظَاهِرُ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ دَاخِلِ الْعَيْنَيْنِ مِنْ نَجَاسَةٍ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ يَجِبُ لِنُدْرَتِهِ.
وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ فِي الْإِيضَاحِ: وَلَا يُؤْكَلُ الدِّرْيَاقُ إلَّا لِحَاجَتِهِ لِمَرَضٍ لِأَنَّ فِيهِ لُحُومَ الْحَيَّاتِ انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَالدِّرْيَاقُ لُغَةٌ فِي التِّرْيَاقِ وَذُكِرَ فِي الْمُسْتَوْعَبِ أَنَّ الْأَدْوِيَةَ الْقَاتِلَةَ كَالدِّفْلَى وَغَيْرِهَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِهَا أَكْلًا وَشُرْبًا وَغَيْرُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ.
وَقَالَ الشَّيْخُ وَجِيهُ الدِّينِ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: الْمَيْلُ لِلِاكْتِحَالِ ذَهَبًا وَفِضَّةً عَلَى سَبِيلِ الْمُدَاوَاةِ مُبَاحٌ لِحُصُولِ الْمُدَاوَاةِ لَا لِشَرَفِ الْأَعْضَاءِ رُخْصَةٌ، وَيُعْتَمَدُ فِيهِ عَلَى قَوْلِ الثِّقَاتِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فِي هَذَا الشَّأْنِ.
وَيَجُوزُ شُرْبُ أَبْوَالِ الْإِبِلِ لِلضَّرُورَةِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَعَبْدِ اللَّهِ وَالْمَيْمُونِيِّ وَالْأَثْرَمِ وَجَمَاعَةٍ. وَأَمَّا شُرْبُهَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَهَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا؟ قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد أَمَّا مَنْ بِهِ عِلَّةٌ وَسَقَمٌ فَنَعَمْ رَجُلٌ صَحِيحٌ فَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَشْرَبَ أَبْوَالَ الْإِبِلِ قَالَ الْقَاضِي فِي كِتَابِ الطِّبِّ لَهُ: وَيَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ إمَّا عَلَى طَرِيقِ الْكَرَاهَةِ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي طَهَارَتِهِ أَوْ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ أَنَّ بَوْلَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ نَجِسٌ. وَإِمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ هُوَ طَاهِرٌ وَهِيَ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute