للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضِ الْخَلْطِ، وَفَسَادِهِ.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: هَذَا الْحَدِيثُ أُرِيدَ بِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَمَنْ جَاوَرَهُمْ، كَذَا قَالَ.

وَلِلْأَمْكِنَةِ اخْتِصَاصٌ يَنْفَعُ كَثِيرًا فَيَكُونُ الدَّوَاءُ الَّذِي يَنْبُتُ فِي هَذَا الْمَكَانِ نَافِعًا مِنْ الدَّاءِ، وَلَا يُوجَدُ فِيهِ ذَلِكَ النَّفْعُ إذَا نَبَتَ فِي مَكَان غَيْرِهِ لِتَأْثِيرِ نَفْسِ التُّرْبَةِ، وَالْهَوَاءِ أَوْ هُمَا، فَإِنَّ فِي الْأَرْضِ خَوَاصَّ، وَطَبَائِعَ تُقَارِبُ اخْتِلَافَهَا، وَاخْتِلَافَ طَبَائِعِ الْإِنْسَانِ. كَثِيرٌ مِنْ النَّبَاتِ يَكُونُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ غِذَاءً مَأْكُولًا، وَفِي بَعْضِهَا سُمًّا قَاتِلًا، وَرُبَّ أَدْوِيَةٍ لِقَوْمٍ أَغْذِيَةٌ لِآخَرِينَ، وَأَدْوِيَةٍ لِقَوْمٍ مِنْ أَمْرَاضٍ، وَهِيَ أَدْوِيَةٌ لِآخَرِينَ فِي أَمْرَاضٍ سِوَاهَا، وَأَدْوِيَةٍ لِأَهْلِ بَلَدٍ لَا تُنَاسِبُ غَيْرَهُمْ.

وَالسَّبْعُ مِنْ الْعَدَدِ لَهُ مَوَاضِعُ كَثِيرَةٌ، وَهُوَ يَجْمَعُ مَعَانِي الْعَدَدِ، وَخَوَاصَّهُ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ شَفْعٌ، وَوِتْرٌ، وَشَفْعٌ أَوَّلُ، وَثَانٍ، وَالْوِتْرُ كَذَلِكَ، فَالشَّفْعُ الْأَوَّلُ اثْنَانِ، وَالثَّانِي أَرْبَعَةٌ، وَالْوِتْرُ الْأَوَّلُ ثَلَاثَةٌ، وَالثَّانِي خَمْسَةٌ، وَالْأَطِبَّاءُ تُعْنَى بِهِ لَا سِيَّمَا فِي الْبِحَارَيْنِ. وَيُذْكَرُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ عَادَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَكَّةَ فَقَالَ: اُدْعُوا لَهُ طَبِيبًا فَدُعِيَ الْحَارِثُ بْنُ كَلَدَةَ فَنَظَرَ إلَيْهِ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ بَأْسٌ، وَاِتَّخِذُوا لَهُ فَرِيقَةً مَعَ تَمْرِ عَجْوَةٍ رَطْبَةٍ يُطْبَخَانِ فَتَحَسَّاهَا فَفَعَلَ ذَلِكَ فَبَرَأَ» ، وَالْفَرِيقَةُ الْحُلْبَةُ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَكَسْرِ الرَّاءِ ثُمَّ يَاءٌ ذَاتُ نُقْطَتَيْنِ مِنْ تَحْتٍ ثُمَّ قَافٌ ثُمَّ هَاءٌ تَمْرٌ يُطْبَخُ بِحُلْبَةٍ، وَهُوَ طَعَامُ النُّفَسَاءِ قَالَ أَبُو كَثِير:

وَلَقَدْ وَرَدْتُ الْمَاءَ لَوْنَ حَمَامَةٍ ... لَوْنَ الْفَرِيقَةِ صُفِّيَتْ لِلْمُدْنِفِ

وَيُذْكَرُ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُرْسَلًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اسْتَشْفُوا بِالْحُلْبَةِ» ، وَالْحُلْبَةُ حَارَّةٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَقِيلَ: فِي آخِرِ الْأُولَى، يَابِسَةٌ فِي الْأُولَى، وَقِيلَ: فِي الثَّانِيَةِ، وَلَا تَخْلُو مِنْ رُطُوبَةٍ فَضْلِيَّةٍ إذَا طُبِخَتْ بِالْمَاءِ لِتَلْيِينِ الْحَلْقِ، وَالصَّدْرِ، وَالْبَطْنِ نَافِعَةٌ لِلْحَصْرِ، وَتُسَكِّنُ السُّعَالَ، وَالْخُشُونَةِ، وَالرَّبْو، وَعُسْرِ النَّفَسِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>