للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي مُسْلِمٍ أَوْ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ لَمَّا ذَكَرَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى قَالَ وَحَدَّثَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ رَأَى «أَرْبَعَةَ أَنْهَارٍ فِي الْجَنَّةِ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ: مَا هَذِهِ الْأَنْهَارُ قَالَ: أَمَّا النَّهْرَانِ الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ» .

قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَصْلَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى فِي الْأَرْضِ بِخُرُوجِ النِّيلِ وَالْفُرَاتِ مِنْ أَصْلِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَلْزَمُ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْأَنْهَارَ تَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا ثُمَّ تَسِيرُ حَيْثُ أَرَادَ اللَّهُ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ الْأَرْضِ وَتَسِيرَ فِيهَا.

وَالْفُرَاتُ بِالتَّاءِ الْمُمْتَدَّةِ فِي الْخَطِّ فِي الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ مِنْ أَجْوَدِ الْمِيَاهِ، وَالْأَرْضُ الَّتِي يَسْقِيهَا النِّيلُ إبلين أَصْلِيَّةً إنْ أَمْطَرَ مَطَرَ الْعَادَةِ لَمْ تُرْوَ فَلَا يَتَهَيَّأُ النَّبَاتُ وَفَوْقَ الْعَادَةِ يَضُرُّ بِهَا وَبِسَاكِنِيهَا فَسَاقَ إلَيْهَا سُبْحَانَهُ هَذَا النَّهْرَ الْعَظِيمَ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: أَصْلُهُ فِي أَقْصَى بِلَادِ الْحَبَشَةِ مِنْ أَمْطَارٍ تَجْتَمِعُ هُنَاكَ وَسُيُولٍ وَجَعَلَ سُبْحَانَهُ زِيَادَتَهُ فِي أَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَكِفَايَةِ الْبِلَادِ فَإِذَا اكْتَفَتْ أَذِنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِتَنَاقُصِهِ لِمَصْلَحَةِ الزَّرْعِ فَسُبْحَانَ مَنْ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>