للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَحْدَاثِ الْإِنْسَانِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ فَإِنَّ مَعْنَى الْفَوْقِ مَا يُحَاذِي رَأْسَهُ مِنْ فَوْقُ وَالْبَاقِي ظَاهِرٌ وَلِمَا يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ أَوْ بَطْنِهِ مَا يُحَاذِي ظَهْرَهُ مِنْ فَوْقِهِ ثُمَّ هِيَ اعْتِبَارِيَّةٌ فَإِنَّ النَّمْلَةَ إذَا مَشَتْ عَلَى سَقْفٍ كَانَ الْفَوْقُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا جِهَةَ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَاذِي لِظَهْرِهَا وَلَوْ كَانَ كُلُّ حَادِثٍ مُسْتَدِيرًا كَالْكُرَةِ لَمْ تُوجَدْ وَاحِدَةٌ مِنْ هَذِهِ الْجِهَاتِ وَقَدْ كَانَ فِي الْأَزَلِ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ الْمَوْجُودَاتِ فَقَدْ كَانَ لَا فِي جِهَةٍ وَلِأَنَّ مَعْنَى الِاخْتِصَاصِ بِالْجِهَةِ اخْتِصَاصُهُ بِحَيِّزٍ هُوَ كَذَا وَقَدْ بَطَلَ اخْتِصَاصُهُ بِالْحَيِّزِ لِبُطْلَانِ الْجَوْهَرِيَّةِ وَالْجِسْمِيَّةِ فَإِنْ أُرِيدَ بِالْجِهَةِ غَيْرُ هَذَا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ حُلُولُ حَيِّزٍ وَلَا جِسْمِيَّةٍ فَلْيُبَيَّنْ حَتَّى يُنْظَرَ أَيَرْجِعُ إلَى التَّغْرِيَةِ فَنُخَطِّئُهُ فِي مُجَرَّدِ التَّعْبِيرِ أَوْ إلَى غَيْرِهِ فَيَبِينُ فَسَادُهُ.

الْأَصْلُ الثَّامِنُ أَنَّهُ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَعَ الْحُكْمِ بِأَنَّهُ لَيْسَ كَاسْتِوَاءِ الْأَجْسَامِ عَلَى الْأَجْسَامِ فِي التَّمَكُّنِ وَالْمُمَاسَّةِ وَالْمُحَاذَاةِ لَهَا بَلْ بِمَعْنَى يَلِيقُ بِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَحَاصِلُهُ وُجُوبُ الْإِيمَانِ بِأَنَّهُ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَعَ نَفْيِ التَّشْبِيهِ فَأَمَّا كَوْنُ الْمُرَادِ أَنَّهُ اسْتِيلَاؤُهُ عَلَى الْعَرْشِ فَأَمْرٌ جَائِزُ الْإِرَادَةِ إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى إرَادَتِهِ عَيْنًا فَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا مَا ذَكَرْنَاهُ. اهـ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الرِّسَالَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>