للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقُدْسِيَّةِ: وَأَمَّا رَفْعُ الْأَيْدِي عِنْدَ السُّؤَالِ إلَى جِهَةِ السَّمَاءِ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا قِبْلَةٌ لِلدُّعَاءِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى مَا هُوَ وَصْفٌ لِلْمَدْعُوِّ مِنْ الْجَلَالِ وَالْكِبْرِيَاءِ تَنْبِيهًا بِقَصْدِ جِهَةِ الْعُلُوِّ عَلَى جِهَةِ الْمَجْدِ وَالْعُلَا فَإِنَّهُ تَعَالَى فَوْقَ كُلِّ مَوْجُودٍ بِالْعَظَمَةِ وَالِاسْتِعْلَاءِ وَالْقَهْرِ وَالِاسْتِيلَاءِ. اهـ. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابِهِ لُمَعُ الْأَدِلَّةِ فِي قَوَاعِدِ عَقَائِدِ أَهْلِ السُّنَّةِ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تَقَدَّسَ عَنْ الِاخْتِصَاصِ بِالْجِهَاتِ وَالِاتِّصَافِ بِالْمُحَاذَاةِ لَا تَحُدُّهُ الْأَفْكَارُ وَلَا تَحْوِيهِ الْأَقْطَارُ وَلَا تَكْشِفُهُ الْأَقْدَارُ وَيَحِلُّ عَنْ قَبُولِ الْحَدِّ وَالْمِقْدَارِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مُخْتَصٍّ بِجِهَةٍ شَاغِلٌ لَهَا وَكُلَّ مُتَحَيِّزٍ قَابِلٌ لِمُلَاقَاةِ الْجَوَاهِرِ وَمُفَارَقَتِهَا وَكُلَّ مَا يَقْبَلُ الِاجْتِمَاعَ وَالِافْتِرَاقَ لَا يَخْلُو عَنْهُ، وَمَا لَا يَخْلُو عَنْ الِاجْتِمَاعِ وَالِافْتِرَاقِ حَادِثٌ كَالْجَوَاهِرِ.

وَأَطَالَ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ بْنُ التِّلِمْسَانِيِّ فِي شَرْحِهَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ إلَى أَنْ قَالَ وَالْجَوَابُ الْجَلِيُّ عَنْ الْجَمِيعِ أَيْ جَمِيعِ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي اسْتَنَدَ إلَيْهَا مُثْبِتُو الْجِهَةِ أَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْعَقْلِ فَلَا يُتَصَوَّرُ وُرُودُهُ بِمَا يُكَذِّبُ الْعَقْلَ فَإِنَّهُ شَاهِدُهُ فَلَوْ أَتَى بِذَلِكَ لَبَطَلَ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ مَعًا إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَيَقُولُ كُلُّ لَفْظٍ يَرِدُ فِي الشَّرْعِ فِي الذَّاتِ وَالْأَسْمَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>