للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَانٌّ ذَلِكَ أَوْ يَعْتَقِدُهُ. ثَانِيهَا: أَنْ لَا يَقْصِدَ شَيْئًا فَلَا يَحْنَثُ عَلَى الْأَظْهَرِ حَمْلًا لِلَفْظِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ إذْ حُكْمُ الْحَالِفِ إنَّمَا هُوَ إدْرَاكٌ أَنَّ النِّسْبَةَ وَاقِعَةٌ أَوْ لَيْسَتْ بِوَاقِعَةٍ بِحَسَبِ مَا فِي ظَنِّهِ لَا بِحَسَبِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِخَبَرِ «أَنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ أَيْ لَا يُؤَاخِذُهُمْ بِهَا مَا لَمْ يَدُلُّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ كَضَمَانِ الْمُتْلِفِ.

وَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا بِعَدَمِ حِنْثِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ فِي مَوَاضِعَ، مِنْهَا قَوْلُهُمَا فِي الْأَيْمَانِ أَنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ عَلَى الْمَاضِي كَمَا تَنْعَقِدُ عَلَى الْمُسْتَقْبِلِ وَأَنَّهُ إنْ كَانَ جَاهِلًا فَفِي الْحِنْثِ قَوْلَانِ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا وَمِنْهَا مَا لَوْ حَلَفَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ أَصَحُّ الْمَذَاهِبِ وَحَلَفَ الْمَالِكِيُّ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَيْرُ الْمَذَاهِبِ وَحَلَفَ الْحَنَفِيُّ كَذَلِكَ وَالْحَنْبَلِيُّ كَذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَلَفَ عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّهِ وَمِنْهَا مَا لَوْ جَلَسَ مَعَ جَمَاعَةٍ فَقَامَ وَلَبِسَ خُفَّ غَيْرِهِ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: اسْتَبْدَلْت بِخُفِّك فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، وَكَانَ خَرَجَ بَعْدَ الْجَمِيعِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ أَخَذَ بَدَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>