وإن قالوا: أفهمه ما شاء من كلامه، رجعوا إلى التبعيض الذي يكفِّرون به أهل الحق، ويخالفون فيه نص الكتاب حيث قال الله سبحانه:{ومن الأحزاب من ينكر بعضه}{وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ}[الرعد:٣٦] وقال: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ}[البقرة:٨٥] والكتاب عند السلف هو القرآن باتفاق المسلمين كلام الله " (١).
وقال الإمام يحيى ابن أبي الخير العمراني: "ويقال للأشعرية: هل أسمع الله موسى وأفهمه جميع كلامه أو بعض كلامه؟
فإن قالوا: أفهمه وأسمعه جميع كلامه، فقد جعلوا موسى عالمًا بما في نفس الله وعالمًا بالغيب، وقد أخبر سبحانه أنه لا يعلم ما في نفسه أحد، ولا يعلم الغيب إلا هو، وأخبر سبحانه أنه لو كان البحر مدادًا لكلماته لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات الله، ويؤدي قولهم هذا أن موسى - عليه السلام - قد فهم التوراة والإنجيل والفرقان، وأنّ المشروع بالقرآن والإنجيل كان مشروعا على بني إسرائيل وهذا باطل بالإجماع. وإن قالوا: أسمع موسى - عليه السلام - وأفهمه ما شاء من كلامه، رجعوا إلى ما عليه أهل الحق، وأن كلام الله ليس بشيء واحد.
(١) رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص: ١٦٥ - ١٦٧).