للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فراوغوا فقالوا: هذا حكاية عبر بها عن القرآن، والله تكلّم مرة ولا يتكلم بعد ذلك.

ثم قالوا: غير مخلوق، ومن قال مخلوق فهو كافر، وهذا من فخوخهم يصطادون به قلوب عوام أهل السنة، وإنما اعتقادهم أن القرآن غير موجود" (١).

- وقال الإمام أبو الوفاء ابن عقيل (المتوفى:٥١٣) في خطبة كتابه في القرآن: "أما بعد، فإن سبيل الحق قد عفت آثارها، وقواعد الدين قد انحط شعارها، والبدعة قد تضرّمت نارها، وظهر في الآفاق شرارها، وكتاب الله - عز وجل - بين العوام غرض ينتضل، وعلى ألسنة الطغام بعد الاحترام يبتذل، وتضرب آياته بآياته جدالاً وخصامًا، تنتهك حرمته لغوًا وآثامًا، قد هون في نفوس الجهال بأنواع المحال، حين قيل: ليس في المصحف إلا الورق والخط المستحدث المخلوق، وإن سلطت عليه النار احترق، وأشكال في قرطاس قد لفقت، إزدراء بحرمته واستهانة بقيمته، وتطفيفًا في حقوقه، وجحودًا لفضيلته حتى لو كان القرآن حيًا ناطقًا لكان ذلك متظلمًا، ومن هذه البدعة متوجعًا متألمًا، أترى ليس هذا الكتاب الذي قال الله فيه {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:٤٢]، وقال: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [الواقعة:٧٧ - ٨٠]،


(١) ذم الكلام وأهله (٥/ ١٣٦٠١٣٧) تحقيق: عبد الله الأنصاري، مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة، ط/ الأولى، ١٤١٩ هـ.

<<  <   >  >>