للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اعترف العزُّ بن عبد السلام أنّ الاعتقاد بأن كلام الله معنى واحد قائم بالذات صعْبٌ جدًا على المعتقدين لذلك، فضلاً عن غيرهم، قال - رحمه الله -: "وكيف نُكِّفر العامة الذين لا يعرفون أن كلام الله معنى قديم قائم بنفسه متجه مع القضاء بكونه أمرًا ونهيًا ووعدًا ووعيدًا وخبرًا واستخبارًا ونداء ومسموعًا مع أنه ليس بصوت، وأنّ اعتقاد مثل هذا لصعب جدًا على المعتقدين الذاهبين إلى أنه من القواطع، المكفِّرين لجاحديه" (١).

- ويقال أيضًا للأشاعرة القائلين بأن كلام الله معنى واحد: لمّا كلَّم اللهُ موسى - عليه السلام - هل أفهمه كلامه كلّه أو بعضه؟ فإن قالوا: كله، فقد صار موسى يعلم علم الله، وهذا من أعظم الباطل، وإن قالوا: بعضه، فقد تبعّض كلام الله وهم يقولون: إنه لا يتبعض. وفي هذا إبطال لقولهم.

قال الحافظ أبو نصر السجزي: "وقول الأشعري: إنّ كلام الله شيء واحد، لا يدخله التبعيض"، فإذا قال: إنّ الله أفهم موسى كلامه، لم يخل أمر من أن يكون قد أفهمه كلامه مطلقاً، فصار موسى - عليه السلام - عالماً بكلام الله حتى لم يبق له كلام من الأزل إلى الأبد إلا وقد فهمه. وفي ذلك اشتراك مع الله في علم الغيب، وذلك كفر بالاتفاق ...


(١) قواعد الأحكام في مصالح الأنام (١/ ٢٠٢) راجعه وعلق عليه: طه عبد الرؤوف سعد، مكتبة الكليات الأزهرية - القاهرة.

<<  <   >  >>