وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:"والمقصود هنا أنّ عبد الله بن سعيد بن كلاب وأتباعه وافقوا سلف الأمة وسائر العقلاء على أن كلام المتكلّم لا بد أن يقوم به، ... ثم إنهم مع موافقتهم للسلف والأئمة والجمهور على هذا، اعتقدوا هذا الأصل، وهو أنه لا يقوم به ما يكون مقدوراً له متعلقاً بمشيئته، بناء على هذا الأصل الذي وافقوا فيه المعتزلة، فاحتاجوا حينئذ أن يثبتوا ما لا يكون مقدوراً مراداً، قالوا: والحروف المنظومة والأصوات لا تكون إلا مقدورة مرادة، فأثبتوا معنى واحداً، لم يمكنهم إثبات معان متعددة، خوفاً من إثبات ما لا نهاية له، فاحتاجوا أن يقولوا (معنى واحداً) فقالوا القول الذي لزمته تلك اللوازم التي عظم فيها نكير جمهور المسلمين، بل جمهور العقلاء عليهم. وأنكر الناس عليهم أموراً:
إثبات معنى واحد، هو الأمر والخبر.
وجعل القرآن العربي ليس من كلام الله الذي تكلّم به.
وأن الكلام المنزل ليس هو كلام الله.
وأن التوراة والإنجيل والقرآن إنما تختلف عباراتها، فإذا عبّر عن التوراة بالعربية كان هو القرآن.
وأن الله لا يقدر أن يتكلم، ولا يتكلم بمشيئته واختياره، وتكليمه لمن كلمه من خلقه، كموسى وآدم، ليس إلا خلق إدراك ذلك المعنى لهم، فالتكليم هو خلق الإدراك فقط ... " (١).