- ومما يلزم مذهب الأشاعرة أيضًا تخطئةُ السلف الصالح، فالأشاعرة - كما تقدم- مصوِّبون للمعتزلة في قولهم بخلق القرآن الذي بين دفتي المصحف، ويحصرون الخلاف بينهم وبين المعتزلة في إثبات أمر آخر وراء ذلك، ولم يكن الخلاف بين السلف والجهمية والمعتزلة كما قدمنا إلا في القرآن المنزل على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، المثبت في المصاحف، فإذا كان قولُ المعتزلة صوابًا فلا شك أن القول الآخر -وهو قول السلف - ليس بصواب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لا ريب أنه قد اشتهر عند العامة والخاصة اتفاق السلف على أن القرآن كلام الله وأنهم أنكروا على من جعله مخلوقًا خلقه الله كما خلق سائر المخلوقات من السماء والأرض، ... وأنتم [يعني: الأشاعرة] فلا ريب أن كلما يقول هؤلاء إنه مخلوق، لا تنازعونهم في أنّ الكلام الذي يقولون هو مخلوق، بل تقولون أنتم أيضًا إنه مخلوق.
فالذي قال هؤلاء إنه مخلوق إما أن يكون مخلوقًا أو لا يكون، فإن لم يكن مخلوقًا كنتم أنتم وهم ضالين حيث حكمتم جميعًا بخلقه.
وإن كان مخلوقًا لم يجز ذمّ من قال إنه مخلوق ولا عيبه بذلك، ولا يقال إنه جعل كلام الله الذي ليس بمخلوق مخلوقًا، ولا أنه جعل كلام الله في المخلوق ولا أنه جعل الشجرة هي القائلة إنني أنا الله، ونحو ذلك من الأقوال التي وَصف بها السلفُ مذهبَ الجهمية ...