للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فوافق الأشعريُّ المعتزلةَ في أنّ هذا مخلوق، وقال: ليس هذا كلام الله، إنما كلام الله صفة قائمة بذاته، ما نزل ولا هو مما يسمع، وما زال منذ أظهر هذا خائفًا على نفسه لخلافه أهل السنة حتى أنه استجار بدار أبي الحسن التميمي حذرًا من القتل، ثم نبغ أقوام من السلاطين فتعصّبوا لمذاهبه، وكثر أتباعه، حتى تركتِ الشافعيةُ معتقدَ الشافعي ودانوا بقول الأشعري" (١).

وقال أيضًا: "وهذا [أي: القول بأن القرآن كلام الله غير مخلوق] أمر مستقر لم يختلف فيه أحد من القدماء في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصحابة رضوان الله عليهم، ثم دس الشيطان دسائس البدع، فقال قوم: هذا المشار إليه مخلوق، فثبت الإمام أحمد - رحمه الله - ثبوتاً لم يثبته غيره على دفع هذا القول، ...

ثم لم يختلف الناس في غير ذلك إلى أن نشأ علي بن إسماعيل الأشعري، فقال مرة بقول المعتزلة، ثم عَنَّ له فادعى أنّ الكلام صفة قائمة بالنفس، فأوجبت دعواه هذه أنّ ما عندنا مخلوق، وزادت فخبطت العقائد، فما زال أهل البدع يجوبون في تيارها إلى اليوم" (٢).

- وقال موفق الدين ابن قدامة (المتوفى: ٦٢٠ هـ): "وعند الأشعري أنها [أي: الآيات والسور] مخلوقة، فقوله قول المعتزلة لا محالة إلا أنه يريد التلبيس فيقول في الظاهر قولاً يوافق أهل الحق ثم يفسّره بقول المعتزلة" (٣).


(١) المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (١٤/ ٢٩) تحقيق: محمد عبد القادر عطا، مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط/ الأولى، ١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م.
(٢) صيد الخاطر (ص: ١٩٧) دار القلم - دمشق، ط/ الأولى، ١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م.
(٣) المناظرة في القرآن (ص: ٤٧) تحقيق: عبد الله يوسف الجديع، مكتبة الرشد - الرياض، ط/ الأولى، ١٤٠٩ هـ ..

<<  <   >  >>