للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضًا: "ثم إنهم [أي: الأشاعرة] قد أقرّوا أنّ القرآن كلام الله غير مخلوق، فإذا لم يكن القرآن هذا الكتاب العربي الذي سماه الله قرآنًا، فما القرآن عندهم؟ وبأي شيء علموا أنّ غير هذا يسمى قرآنًا؟

فإنّ تسمية القرآن إنما تعلم من الشرع أو النص، فأما العقل فلا يقتضي تسمية صفة الله قرآنًا، وما ورد النص بتسميته القرآن إلا لهذا الكتاب، ولا عرفت الأمة قرآنًا غيره. وتسميتهم غيره قرآنًا تحكّم بغير دليل شرعي ولا عقلي مخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة.

ومدار القوم على القول بخلق القرآن ووفاق المعتزلة، ولكن أحبوا أن لا يعلم بهم فارتكبوا مكابرة العيان وجحد الحقائق ومخالفة الإجماع ونبذ الكتاب والسنة وراء ظهورهم، والقول بشيء لم يقله قبلهم مسلم ولا كافر، ومن العجب انهم لا يتجاسرون على إظهار قولهم ولا التصريح به إلا في الخلوات ولو أنهم ولاة الأمر وأرباب الدولة" (١).

وقال - رحمه الله -: "نعتقد أنّ القرآن كلام الله وهو هذه المائة والأربع عشرة سورة أولها سورة الفاتحة وآخرها المعوذات، وأنه سور وآيات وحروف وكلمات متلو مسموع مكتوب، وعندهم [أي: الأشعرية] أن هذه السور والآيات ليست بقرآن وإنما هي عبارة عنه وحكاية، وأنها مخلوقة، وأن القرآن معنى في نفس الباري، وهو شيء واحد لا يتجزأ ولا يتبعض ولا يتعدد، ولا هو شيء ينزل ولا يتلى ولا يسمع ولا يكتب، وأنه ليس في المصاحف إلا الورق والمداد.


(١) المصدر السابق (ص: ٣٣ - ٣٤)

<<  <   >  >>