وقال أيضًا:"القرآن كلام الله باتفاق المسلمين، فإن كان كلامه هو المعنى فقط، والنظم العربي الذي يدل على المعاني ليس كلام الله كان مخلوقا خلقه الله في غيره، فيكون كلاما لذلك الغير؛ لأن الكلام إذا خُلق في محل كان كلامًا لذلك الغير كما تقدم، فيكون الكلام العربي ليس كلام الله، بل كلام غيره، ومن المعلوم بالاضطرار من دين المسلمين أنّ الكلام العربي الذي بلغه محمد - صلى الله عليه وسلم - عن الله أعلم أمته أنه كلام الله لا كلام غيره، فإن كان النظم العربي مخلوقًا لم يكن كلام الله، فيكون ما تلقته الأمة عن نبيها باطلاً"(١).
وقال الحافظ ابن القيم: "وعندهم [أي: الأشاعرة] أنّ الذي قال السلف هو غير مخلوق هو عين القائم بالنفس، وأما ما جاء به الرسول وتلاه على الأمة فمخلوق، وهو عبارة عن ذلك المعنى، وعندهم أن الله تعالى لم يكلِّم موسى، وإنما اضطره إلى معرفة المعنى القائم بالنفس من غير أن يسمع منه كلمة واحدة، وما يقرؤه القارئون ويتلوه التالون فهو عبارة عن ذلك المعنى، وفرعوا على هذا الأصل فروعًا، منها: أن كلام الله لا يتكلم به غيره، فإنه عين القائم بنفسه، ومحال قيامه بغيره فلم يتل أحد قط كلام الله ولا قرأه.