للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغاية ما يعاب به عندكم أنه نفى عن الله معنى آخر تثبتونه له، ذلك المعنى أكثر الناس لا يتصورونه لا المعتزلة ولا غيرهم، فضلا عن أن يحكموا عليه بأنه مخلوق، وذلك المعنى لا يتصور أن يقوم بالشجرة ولا غيرها، حتى تكون الشجرة هي القائلة له، والسلف لم يعيبوهم بهذا، ولا قالوا لهم: ما ذكرتم أنه مخلوق فهو مخلوق، لكن ثَمّ معنى آخر ليس بمخلوق، ولا قالوا: هذا الذي قلتم إنه مخلوق هو مخلوق، لكنه ليس هو بكلام الله، ولا نحو ذلك.

فإن كان هذا الذي قالوا هو مخلوق هو مخلوق كما قالوا ليس هو كلام الله، وإنما كلام الله معنى آخر، فلا ريب أنّ السلف مخطئون ضالون في هذه المسألة، فأحد الأمرين لازم إما تضليلكم المعتزلة أو تضليل السلف، والثاني ممتنع، فتعين الأول.

يؤيد هذا ... أن الأمة إذا اختلفت في مسألة على قولين لم يكن لمن بعدهم إحداث قول ثالث، فإذا لم يكن في صدر الأمة إلا قول السلف وقول المعتزلة تعين أن يكون الحق في أحد القولين" (١).


(١) الفتاوى الكبرى (٦/ ٥٢٣ - ٥٢٤).

<<  <   >  >>