أحدهما: الملفوظ به وهو القرآن وهو كلام الله ليس فعلا للعبد ولا مقدورا له.
والثاني: التلفظ، وهو فعل العبد وكسبه وسعيه.
فإذا أُطلق لفظ الخلق على المعنى الثاني شمل الأول وهو قول الجهمية, وإذا عُكس الأمر بأن قال لفظي بالقرآن غير مخلوق شمل المعنى الثاني وهي بدعة أخرى من بدع الاتحادية.
وهذا ظاهر عند كل عاقل, فإنك إذا سمعت رجلاً يقرأ:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص:١] تقول: هذا لفظ سورة الإخلاص, وتقول: هذا لفظ فلان بسورة الإخلاص, إذ اللفظ معنى مشترك بين التلفظ الذي هو فعل العبد، وبين الملفوظ به الذي هو كلام الله - عز وجل -.
وهذا بخلاف ما ذكر السلف بقولهم: الصوت صوت القاري والكلام كلام الباري, فإن الصوت معنى خاص بفعل العبد لا يتناول المتلو المؤدى بالصوت البتة, ولا يصلح أن تقول هذا صوت {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص:١] ولا يقول ذلك عاقل, وإنما تقول: هذا صوت فلان يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص:١] ونحو ذلك" (١).
(١) معارج القبول بشرح سلم الوصول (١/ ٢٩٢ - ٢٩٣) المحقق: عمر بن محمود أبو عمر، دار ابن القيم - الدمام، ط/ الأولى، ١٤١٠ هـ- ١٩٩٠ م.