ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق، أو تلاوتي، دخل في ذلك المصدر الذي هو عمله، وأفعال العباد مخلوقة، ولو قال: أردت به أن القرآن المتلو غير مخلوق، لا نفس حركاتي قيل له: لفظك هذا بدعة، وفيه إجمال وإيهام، وإن كان مقصودك صحيحاً، كما يقال للأول إذا قال أردت أنّ فعلي مخلوق: لفظك أيضاً بدعة، وفيه إجمال وإيهام وإن كان مقصودك صحيحاً.
فلهذا منع أئمة السنة الكبار إطلاق هذا وهذا، وكان هذا وسطاً بين الطرفين، وكان أحمد وغيره من الأئمة يقولون: القرآن حيث تصرّف كلام الله غير مخلوق، فيجعلون القرآن نفسه حيث تصرف غير مخلوق، من غير أن يقترن بذلك ما يشعر أن أفعال العباد وصفاتهم غير مخلوقة.
وصارت كل طائفة من النفاة والمثبتة في مسألة التلاوة تحكي قولها عن أحمد، وهم كما ذكر البخاري في كتاب خلق الأفعال وقال: إن كل واحدة من هاتين الطائفتين تذكر قولها عن أحمد وهم لا يفقهون قوله لدقة معناه.