وكان يوافقهم على إطلاق القول بأن التلاوة غير المتلو وأنها مخلوقة، من لا يوافقهم على هذا المعنى، بل قصده أن التلاوة هي أفعال العباد وأصواتهم.
وصار أقوام يُطلقون القول بأن التلاوة غير المتلو، وأن اللفظ بالقرآن مخلوق، فمنهم من يعرف أنه موافق لابن كلاب، ومنهم من يعرف مخالفته له، ومنهم من لا يعرف منه لا هذا ولا هذا.
وصار أبو الحسن الأشعري ونحوه - ممن يوافق ابن كلاب على قوله - موافقاً للإمام أحمد وغيره من أئمة السنة في المنع من إطلاق هذا وهذا، فيمنعون أن يقال: اللفظ بالقرآن مخلوق أو غير مخلوق، وهؤلاء منعوه من جهة كونه يقال في القرآن: إنه يُلفظ أو لا يلفظ، وقالوا اللفظ: الطرح والرمي، ومثل هذا لا يقال في القرآن. ووافق هؤلاء على التعليل بهذا طائفة ممن لا يقول بقول ابن كلاب في الكلام كالقاضي أبي يعلى وأمثاله، ووقع بين أبي نعيم الأصبهاني وأبي عبد الله بن منده في ذلك ما هو معروف، وصنف أبو نعيم في ذلك كتابه في الرد على اللفظية والحلولية، ومال فيه إلى جانب النفاة القائلين بأن التلاوة مخلوقة، كما مال ابن منده إلى جانب من يقول إنها غير مخلوقه، وحكى كل منهما عن الأئمة ما يدل على كثير من مقصوده لا على جميعه، فما قصده كل منهما من الحق وجد فيه من المنقول الثابت عن الأئمة ما يوافقه.