وكلامه أحسن الكلام، وفيه سور وآي وكلمات، وكل ذلك حروف، وهو مسموع منه على الحقيقة سماعاً يعقله الخلق، ولا كيفية لتكلّمه وتكليمه، وجائز وجود أعداد من المكلَّمين يكلّمهم سبحانه في حال واحدة بما يريده من كل واحد منهم، من غير أن يشغله تكليم هذا عن تكليم هذا" (١).
ونصوص الكتاب والسنة متظافرة على أنّ الله - عز وجل - يتكلم بمشيئته، وسنقتصر هنا على إيراد كلام الحافظ ابن القيم في بيان تظافر هذه النصوص وتكاثرها.
قال - رحمه الله -: "وقد دل القرآن وصريح السنة والمعقول وكلام السلف على أن الله سبحانه يتكلم بمشيئته، كما دل على أن كلامه صفة قائمة بذاته، وهي صفة ذات وفعل، قال الله تعالى:{إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[النحل:٤٠]، وقوله:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[يس:٨٢].
فـ (إذا) تخلص الفعل للاستقبال، (وأن) كذلك، (ونقول) فعل دال على الحال والاستقبال، و (كن) حرفان يسبق أحدهما الآخر، فالذي اقتضته هذه الآية هو الذي في صريح العقول والفطر.