وتأمل نصوص القرآن من أوله إلى آخره ونصوص السنة، ولا سيما أحاديث الشفاعة، وحديث المعراج وغيرها، كقوله:«أتدرون ماذا قال ربكم الليلة»، وقوله:«إن الله يحدث من أمره ما يشاء، وإن مما أحدث ألا تكلموا في الصلاة»، وقوله:«ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ولا حاجب». وقد أخبر الصادق المصدوق أنه يكلِّم ملائكته في الدنيا «فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي»، ويكلِّمهم يوم القيامة، ويكلِّم أنبياءه ورسله وعباده المؤمنين يومئذ، ويكلِّم أهل الجنة في الجنة ويسلم عليهم في منازلهم، وأنه كل ليلة يقول:«من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، من يقرض غير عديم ولا ظلوم»، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله أحيا أباك وكلّمه كفاحًا» ومعلوم أنه في ذلك الوقت كلّمه وقال له: «تمنّ عليّ».
إلى أضعاف أضعاف ذلك من نصوص الكتاب والسنة التي إن دُفعت دُفعت الرسالة بأجمعها، وإن كانت مجازًا كان الوحي كله مجازًا، وإن كانت من المتشابه كان الوحي كله من المتشابه، وإن وجب أو ساغ تأويلها على خلاف ظاهرها ساغ تأويل جميع القرآن والسنة على خلاف ظاهره؛ فإن مجيء هذه النصوص في الكتاب وظهور معانيها وتعدد أنواعها واختلاف مراتبها أظهر من كل ظاهر، وأوضح من كل واضح، فكم جهد ما يبلغ التأويل والتحريف والحمل على المجاز.