وقال أيضًا:"وأما قوله [أي: الغزالي]: إنّ القرآن مكتوب في المصاحف محفوظ بالقلوب مقروء بالألسنة، فإن أراد بذلك القرآن الذي هو كلام الله حقيقة قلنا هذا صحيح وبطل أن يكون لله كلامًا قائما بذاته لا يفارقه، وكان هذا قول أصحاب الحديث.
وإن أراد بذلك العبارة عن القرآن الذي هو قائم بذات الباري كان قوله هذا قولاً فارغا لا معنى تحته غير التستّر بقول أصحاب الحديث، وعليه يدل قوله: إنّ القرآن مكتوب في المصاحف، لأنه لو صرح وقال ليس القرآن مكتوبًا في المصاحف، وإنما المكتوب به أدلة القرآن لكان مخالفا لما عليه أدلة [أئمة] المسلمين، ولكنه سقّف قوله.
والأشعرية قدَّموا رِجْلاً إلى الاعتزال وَوَضَعوها حيث وضعت المعتزلة أَرْجُلَهم، وأموا بالرِّجْل الأخرى إلى حيث وضع أهل الحديث أرجلهم، وهذا مثال عقلي يفقهه مَن فهم قولهم" (١).