ولا ريب أن من الناس من يقول: هذا القرآن كلام الله، وما بين اللوحين كلام الله، ويقول: إن كلام الله محفوظ في القلوب متلو بالألسن، مسموع بالآذان، مكتوب في المصاحف.
وهذا الإطلاق حق متفق عليه بين المسلمين، ثم من هؤلاء من إذا سئل عن المداد وصوت العبد: أقديم هو؟ أنكر ذلك، وربما سكت عن ذلك، وكره الكلام فيه بنفي أو إثبات، خشية أن يجرّه ذلك إلى بدعة، مع أنه لو سمع من يقول:(إن المداد قديم) ألزمه العقوبة به والعذاب الأليم ...
إذاً المقصود هنا أن من أكابر الفضلاء مَن لا يعرف أقوال الأئمة في أكابر المسائل، لا أقوال أهل الحق ولا أهل الباطل، بل لم يعرف إلا بعض الأقوال المبتدعة في الإسلام.
ومن المعلوم أن السلف والأئمة كان لهم قول ليس هو قول المعتزلة ولا الكلابية ولا الكرامية، ولا هو قول المسمين بالحشوية، فأين ذلك القول؟ أكان أفضل الأمة وأعلمها وخير قرونها لا يعلمون في هذا حقاً ولا باطلاً؟
ومعلوم أن كل قول من هذه الأقوال فاسد من وجوه، وقد يكون بعضها أفسد من بعض، فقول المعتزلة - الذي قالوا إن كلام الله مخلوق - وإن كان فاسداً من وجوه، فقول الكلابية فاسد من وجوه، وقول الكرامية فاسد من وجوه.