ولكننا نثبت أمرًا وراء ذلك وهو الصفة القائمة بالنفس والتي يُعبّر عنها بالألفاظ ... وهذا هو المقصود بإسناد الكلام إلى الله تعالى، وبه يُفسّر ما أجمع عليه المسلمون.
وهنا افترق المعتزلة عن الجمهور، إذ إنهم لم ينسبوا إلى الله تعالى صفة قديمة بهذا المعنى اسمها الكلام أو الكلام النفسي" (١).
وقال أيضًا: "إذا تأملت فيما ذكرناه، أدركت النقطة الخلافية بين المعتزلة وأهل السنة والجماعة، وهي: أن هنالك معنى لألفاظ القرآن يتكون منه الأمر والنهي والإخبار المتوجه للناس وهو قديم. فما اسم هذا المعنى؟
المعتزلة: اسمه العلم إذا كان إخبارا، والإرادة إن كان أمرا أو نهيا ..
الجمهور: اسمه الكلام النفسي، وهو صفة زائدة على كل من العلم والإرادة، قائمة بذاته تعالى.
أما الكلام الذي هو اللفظ، فاتفقوا على أنه مخلوق، وعلى أنه غير قائم بذاته سبحانه، باستثناء أحمد بن حنبل وبعض أتباعه، فقد ذهبوا إلى أن هذه الحروف والأصوات أيضا قديمة بذاتها، وأنها هي المعني بصفة الكلام.
(١) كبرى اليقينيات الكونية (ص: ١٢٥ - ١٢٦) دار الفكر.