للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلو كان ما وصفته المعتزلة بأنه مخلوق هو مخلوق عندهم أيضًا، وإنما خالفوهم في تسمية كلام الله أو في إطلاق اللفظ لم تحصل هذه المخالفة العظيمة والتكفير العظيم بمجرد نزاع لفظي كما قال هو إن الأمر في ذلك يسير وليس هو مما يستحق الإطناب لأنه بحث لغوي، وليس هو من الأمور المعقولة المعنوية. فإذا كانت المعتزلة فيما أطلقته لم تنازع إلا في بحث لغوي لم يجب تكفيرهم وتضليلهم وهجرانهم بذلك كما أنه هو وأصحابه لا يضلّلونهم في تأويل ذلك وإن نازعوهم في لفظه، ومجرد النزاع اللفظي لا يكون كفرًا ولا ضلالاً في الدين" (١).

وقال أيضًا: "السلف والمعتزلة جميعا اتفقوا على أن كلام الله ليس هو مجرد هذا المعنى الذي تثبتونه أنتم [يعني: الأشاعرة]، بل الذي سمته المعتزلة كلام الله وقالوا إنه مخلوق وافقهم السلف على أنه كلام الله لكن قالوا إنه غير مخلوق.

وأنتم تقولون إنه ليس بكلام الله، فكان قولكم خرقًا لإجماع السلف والمعتزلة، وذلك خرق لإجماع الأمة جميعها؛ إذا لم يكن في عصر السلف إلا هذان القائلان، ولم يكن في ذلك الزمان من يقول: القرآن الذي قالت المعتزلة إنه مخلوق ليس هو كلام الله" (٢).


(١) الفتاوى الكبرى (٦/ ٤٩٥).
(٢) المصدر السابق (٦/ ٥٢٥).

<<  <   >  >>