وترجع صلتي بكتاب «مختصر التبيين لهجاء التنزيل» للإمام أبي داود سليمان بن نجاح إلى الأيام الأولى من مراحل البحث لرسالتي الأولى، عند ما قمت برحلة علمية إلى كل من مصر وتونس والمغرب بحثا وجمعا للمصادر والمراجع، فشاء الله سبحانه وتعالى أن أظفر بنسختين مختلفتين من الخزانة الحسنية بالمغرب.
واشتدت صلتي بالكتاب، واستهواني موضوعه ومنهجه، ومما زاد في عزمي وحزمي على تحقيقه، زيادة صلتي به حيث كان مصدرا أصيلا لكتاب:«الطراز في شرح ضبط الخرّاز» موضوع رسالتي السابقة، فكان يصحبني وفي صحبتي طيلة مدة البحث من أوله إلى آخره. وحينئذ عرفت مضامينه ومراميه، وعرفت أصوله وفروعه وعرفت أنه أحق بأن تبذل فيه الجهود، وتنفق فيه الأعمار.
وبما أن الرسم يتعلق بذات حروف الكلمة حذفا وإثباتا وقطعا ووصلا، والضبط يتعلق بما يعرض لهذه الحروف من حركة وسكون، وذلك وصف للحرف، وهو موضوع رسالتي الأولى. وبما أنه لا بد للصفة من موصوف، فكان لا بد لي أن أتطرق لبيان هذا الموصوف، وهو الرسم.
فأردت بهذا الاختيار تكملة موضوع رسالتي السابقة الذي تناولت فيه إعراب المصحف بالنقط والشكل، فيكون موضوع هذه الرسالة في رسم هجاء المصاحف، وبه يكتمل موضوع كتابة المصاحف، من رسم هجائها وضبط حروفها لحاجة أحدهما إلى الآخر.