للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمعنى كلام أبي عمرو الداني، وهو من كبار العلماء الحفاظ المتقنين أنه لم يعرف مخالفا لوجوب اتباع الرسم العثماني إلى منتصف القرن الخامس، وحتى بعد ذلك لا نعلم أحدا خالف في ذلك ممن يعتد بقوله، إلا العز بن عبد السلام ولا عبرة بخلافه، ولا خلاف غيره إن وجد، وقد ردّ عليه قوم من علماء هذا الشأن كما سنذكره.

وبعد هذا فلا معنى لتسوية القول الحادث الطارئ بقول علماء الأمة وخيارها.

فأخطئوا في المنهج وأخطئوا فيما ذهبوا إليه من عدم وجوب اتباع الرسم العثماني.

فإن المتقدمين لم يختلفوا فيه، وإنّما هو عندهم سنة متبعة، وعقب علم الدين السخاوي على قول مالك، فقال:

«والذي ذهب إليه مالك هو الحق، إذ فيه بقاء الحالة الأولى إلى أن تعلمها الطبقة الأخرى، بعد الأخرى، ولا شك أن هذا هو الأحرى، إذ في خلاف ذلك تجهيل بأولية ما في الطبقة الأولى» (١).

أورد الزركشي عن أبي عبيد القاسم بن سلام أنه قال: «وترى القراء لم يلتفتوا إلى مذهب العربية في القراءة، إذا خالف ذلك خط المصحف، واتباع حروف المصاحف عندهم كالسنن القائمة التي لا يجوز لأحد أن يتعداها» (٢).


(١) الوسيلة للسخاوي ورقة ١٨، إرشاد الحيران ٥٩.
(٢) انظر: البرهان ٢/ ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>