للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورد كلام ابن خلدون كثير من العلماء، قال الشيخ حفني ناصف، في معاضدة بقاء الرسم العثماني للمصحف:

«ولا نعلم أن أحدا من العلماء تشكك في هذا الأمر، إلا ابن خلدون في القرن الثامن، وبعض رجال الأزهر في القرن الرابع عشر، وليس أحد منهما إماما مجتهدا والحمد لله» (١).

أقول: إن القرآن كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلّم، والوحي لا يزال ينزل، ولو وقع فيه خطأ في الرسم لبينه الوحي ونزل فيه، كما نزلت آيات العتاب، ولم يكن الله عز وجل ليدع الخطأ في كتابه الكريم، وهو الذي يقول: إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحفظون [الحجر: ٩].

لأن الخطأ في الرسم يلزم منه خطأ في بعض وجوه القراءة، وبما أن هذا لم يقع يتبين ضعف كلام ابن خلدون ومن سار على شاكلته (٢).

وأما ما يراه أبو بكر الباقلاني من أن الرسم العثماني لا يلزم أن يتبع في كتابة المصحف، فهو رأي ضعيف، لأن الأئمة في جميع العصور المختلفة درجوا على التزامه في كتابة المصاحف، ولأن سد ذرائع الفساد، مهما كانت بعيدة، أصل من أصول الشريعة (٣).

وأن ما احتج به العز بن عبد السلام لما رآه من: «عدم جواز كتابة المصاحف الآن على المرسوم الأول خشية الالتباس، ولئلا يوقع في تغيير من


(١) تاريخ المصحف، بحث نشر في مجلة المقتطف، ع أول يوليو ١٩٣٣ ٨ ربيع الأول ١٣٥٢، الجزء ٢ من المجلد ٨٣ ص ٢٠٥، نقله اللبيب في الجمع الصوتي ٢٩٢.
(٢) انظر: الجمع الصوتي ص ٣٠٠.
(٣) انظر: مجلة الأزهر، ج ١، المجلد ٧، ص ٧٢٩، عدد محرم سنة ١٣٥٥ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>